بيدك .. لا بالقلب بقلم الدكتورة ميرفت سرحان




تغمرنا نعم الله، فلا نكاد نعدها أو نحصيها إلا واستشعرنا العديد سواها، وتذكرنا الكثير غيرها .. ثم ينتابنا احساس؛ أي هي هذه النعم أكبر أو أجل وأعظم .. أهي الصحة، أم الستر، أو الأمان، أو أو أو .. وفي خضم الخوض في معركة الحياة
وما فيها من كَرٍ وفرٍ لتأمين لقمة العيش .. واقبال وادبار لتدبير أمور المعيشة وتوفير حياة سعيدة ومريحة، نعتاد النعم ونغفل عن حمدها أو حتى استشعارها ..
ومن بين هذه النعم .. هناك نعمة عظيمة تقع في الجانب الأيسر من الجزء الأعلى من جسدك
تضخ له الدم وتبث فيه الحياة .. قلبك .. إنه من أجل النعم وأبهاها .. لذا لا تتهاون في رعايته والحفاظ على سلامته؛ واحرص على وقايته من أي خطر يهدد صحته .. فالوقاية خير من العلاج ..
وهناك أساليب عديدة لوقاية القلب من أمراضه، من بينها:
أولًا: أحب من شئت .. ولا بأس أن تطلق له عنان العشق والهوى، والاشتياق واللوعة .. ولكن احذر أن تتعلق به؛ لأنك لابد -أيًا كانت الأسباب- مفارقه .. فدوام بقاء الأشخاص ضرب من المحال .. وإن تعلقت به ورحل تكون قد عّرضت قلبك لأزمة؛ قد لا تخرج منها إلا بجسد عليل وروح ضعيفة ..
ثم: لا بأس أن ترجو الحصول على شيئ أو مكان أو حاجة .. وأن تسعى وتشتغل لتحظى بها .. ولكن اياك أن تدمن وجودها .. فزوال الأشياء من سنن الكون .. فإن أدمنت حاجة وزالت، سوف يتعرض قلبك إلى نوبة ألم وارهاق وتعب، قد لا تخرج منها إلا بحياة قاسية وجسد منهك ..
وكذلك: لا تجعل المال في حياتك غاية .. لا بأس أن تسعى للحصول عليه .. ولكن؛ لا تخف إن لم تحصله فهذا احتمال وارد، ولا تجزع إن امتلكته ثم خسرته فهذا احتمال متوقع .. فإن خفت عرضت قلبك لضيق وتوتر وقلق، قد لا تتخلص منه إلا بنفس كليلة وجسد مجهد ..
وأخيرًا: إن أردت لقلبك الراحة والسلامة .. نظفت حجراته الأربع من شوائب الدنيا وكل ما يتعلق بها .. ثم ابدأ بتعفيش هذه الحجرات واحدة تلو الأخرى .. عَمِّر الحجرة الأولى بحب الله؛ الذي منحك هذا الحياة، ثم أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنه .. ومد في الثانية بساط الرجاء بأن يشملك برحمته إذا حل بك داء أو وقع بك بلاء، وارجوه أن ينعم عليك من فضله وجوده وكرمه في كل حاجاتك وجميع احتياجاتك .. واجثُّ على حصير الخوف في الحجرة الثالثة؛ عله يغفر خطاياك ويتجاوز عن سيئاتك ويستر عيوبك .. وزين الحجرة الرابعة بمشاعر الامتنان لربك أن جعل أمرك كله بيده وحده، ولم يوكل به أحد سواه سبحانه ..

وفي النهاية تذكر .. أنك لو أخرجت الدنيا من حجرات قلبك، ووضعتها في قبضتك .. متى شئت فتحت يدك ورميتها .. فقد حزت نعمة محروم منها كثير من بني إنسانيتك ..

يقول ربي تبارك وتعالى في سورة (القصص: ١٦٠):
"وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ"




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :