الرعاية الملكية للاجئين. بقلم: الدكتور علي فواز العدوان



ان منح الملاذ الآمن للاجئين جزءً لا يتجزأ من المبادئ الوطنية الأردنية ‏فلا يمكن أن ندير ظهورنا لهم لأن ذلك يتنافى مع سياساتنا وهويتنا.‏‎
وقال جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أن الأردنيين يشعرون ‏بشكل متزايد بأن العالم يدير ظهره لهم ويتجاهل جهودهم باستضافة ‏اللاجئين بينما تتزاحم الأزمات الخطيرة التي تستحوذ على الاهتمام ‏العالمي والدولي يتراجع التركيز على محنة اللاجئين والبلدان المستضيفة ‏لهم الا أن المجتمع الدولي لا يمتلك ترف تجاهل هذه القضية‎.
وتابع جلالته: قبل بضع أشهر، تحدثت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ‏وحثثت العالم على عدم نسيان اللاجئين السوريين، والآن بينما نجتمع ‏نتعامل مع أزمة نزوح أخرى في المنطقة، فلقد اضطر أكثر من 9ر1 ‏مليون فلسطيني في قطاع غزة إلى الفرار من منازلهم داخل القطاع وسط ‏قصف مستمر‎.

وقال جلالته، "مع توجه كل الأنظار نحو غزة يتعين على المجتمع ‏الدولي أن يدرك أكثر من أي وقت مضى أن الحلول المؤقتة لم تعد ‏ممكنة وأن الأزمات العالمية تستوجب التشارك في تحمل المسؤولية‎.

وأضاف جلالته، "يضغط الأردن نحو استجابة إنسانية أكثر تنسيقًا في ‏غزة ويقدم الدعم للأشقاء الفلسطينيين والأونروا بكل الطرق الممكنة لكن ‏بلدنا لازالت تتحمل الأعباء والتكاليف الناجمة عن استضافة اللاجئين .‏

تعتبر المملكة الأردنية الهاشمية من الدول التي استضافت عددًا كبيرًا ‏من اللاجئين خاصةً من النازحين الفارين من النزاعات في المنطقة ‏النزاع في سوريا والعراق واحتلال فلسطين وقد واجه الأردن العديد من ‏التحديات في تأمين حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين نظرًا للعبء الاقتصادي ‏والاجتماعي الكبير الذي يفرضه استقبال هذا العدد الكبير من الأفراد ‏ويقدم الاردن بتوجيهات ملكية كل ما يحقق العيش الكريم للاجئين رغم ‏عدم ايفاء الدول المانحة للاجئين بالدعم اللازم حيث بلغت نسبة الدعم ‏العام 22بالمية من
حجم الدعم مما يشكل ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، حيث ‏يحتاج الأردن إلى توفير فرص عمل وخدمات لهؤلاء الأشخاص و هذا ‏يتطلب استثمارات كبيرة في التعليم والصحة والبنية التحتية‎.‎
ان ‏‎ ‎زيادة السكان يعني زيادة في الاستهلاك والتأثير على الموارد ‏البيئية يجب على الأردن التفكير في كيفية إدارة هذه الموارد بفعالية ‏للحفاظ على التوازن البيئي‎.‎
يجب على الأردن توفير الرعاية الصحية والتعليم والإسكان للمزيد من ‏السكان هذا يتطلب جهدًا كبيرًا في توسيع البنية التحتية وتحسين جودة ‏الخدمات‎.‎
و تواجه الحكومة الأردنية تحديات في تأمين التمويل اللازم لتلبية ‏احتياجات اللاجئين وتعتمد الحكومة بشكل كبير على الدعم الدولي .‏
يستضيف الأردن العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين على مستوى ‏الأقاليم الخمسة لوكالة الأونروا في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ‏وسوريا ولبنان إذ يعيش فيه 2ر2 مليون لاجئ فلسطيني مسجل وقد بلغ ‏عدد اللاجئين في الهجرة الأولى التي بدأت عام 1948 حوالي 750 ألف ‏فلسطيني، وانضمت إليهم عقب النكسة عام 1967 موجة أخرى، قدر ‏عددها بحوالي 250 ألف نازح نصفهم من لاجئي الضفة الغربية وقطاع ‏غزة الذين اضطروا إلى هجرة ثانية في أقل من عشرين عاما. ‏
واستمرت عملية النزوح إلى الأردن بعد ذلك بسبب الإبعاد العسكري ‏وهدم المنازل والوضع الأمني المتردي نتيجة الاجتياحات الإسرائيلية ‏المستمرة للقرى والبلدات والمدن الفلسطينية إضافة إلى الأوضاع ‏الاقتصادية الصعبة‎.‎
وتم بناء 4 مخيمات إثر الهجرة الأولى عام 1948 كان أولها في ‏مدينة‎ ‎الزرقاء حيث كان التجمع الأكبر للاجئين وبين عامي 1951 ‏و1954 تم تأسيس 3 مخيمات أخرى اثنان في العاصمة‎ ‎عمان‎ ‎وواحد ‏في‎ ‎إربد‎.‎
ويبلغ عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن 10 مخيمات رسمية ‏معترف بها من قبل وكالة الأونروا و3 مخيمات غير رسمية هي مخيم ‏الأمير حسن ومخيم مأدبا ومخيم السخنة ويبلغ عدد اللاجئين داخل ‏المخيمات الرسمية 396 ألف نسمة، من عدد اللاجئين الكلي المسجلين ‏بالأردن‎.‎
ويعيش سكان كافة المخيمات في ظروف اجتماعية واقتصادية متشابهة، ‏وقد أنشأت الوكالة في جميعها مدارس ومراكز صحية، غير أنها لا ‏تعتني بالطرق والنظافة، كما لا يوجد لها مكاتب في المخيمات غير ‏الرسمية‎.‎
وتتوزع المخيمات على 6 محافظات، وتضم محافظة العاصمة 4 منها ‏هي مخيم الوحدات "عمان الجديدة" ومخيم الحسين ومخيم الأمير حسن ‏‏"النصر" ومخيم الطالبية "زيزيا" وتضم محافظة مأدبا مخيما واحدا ‏يحمل اسمها وتضم محافظة البلقاء مخيم البقعة‎.‎
أما محافظة الزرقاء ففيها 3 مخيمات، هي مخيم الزرقاء ومخيم حطين ‏‏"ماركا" ومخيم السخنة، وتضم كل من محافظتي جرش وإربد مخيمين ‏منهما، وهي على التوالي: مخيم جرش "غزة هاشم" ومخيم سوف، ‏ومخيم إربد ومخيم الشهيد عزمي المفتي "الحصن‎".‎
وفي نيسان 1950 أصدر مجلس الأمة الأردني قرار الوحدة بين ضفتي ‏الأردن الشرقية والغربية واجتماعهما في دولة واحدة هي "المملكة ‏الأردنية الهاشمية" وأصبحت الضفة الغربية تابعة للأردن رسميا‎.‎
ومنح القرار اللاجئين الفلسطينيين الجنسية الأردنية واعتُبروا مواطنين ‏أصليين في الدولة يحصلون على كافة حقوق المواطنة سواء الذين ‏يعيشون في المخيمات أو خارجها مما أتاح لهم فرصة الاندماج في ‏المجتمع الأردني دون إجبارهم على التخلي عن هويتهم الوطنية‎.‎
واستثنى القرار لاجئي قطاع غزة المقيمين في الأردن حيث كان القطاع ‏تابعا للحكومة المصرية قبل عام 1967 وعوضا عن ذلك منحتهم ‏السلطات الأردنية جوازات سفر مؤقتة تجدد كل سنتين لكنهم لا يتمتعون ‏بحقوق المواطنة الكاملة إذ لا يحق لهم الانتخاب ولا العمل في الوظائف ‏الحكومية ولا تتساوى حقوقهم مع المواطنين في التعليم والصحة ‏والضمان الاجتماعي‎.‎
ويبلغ عدد أهل القطاع في الأردن أكثر من 40 ألفا و600 مواطن، ويقيم ‏أكثر من 25 ألفا منهم في مخيم جرش "غزة". ‏
وبعد قرار فك الارتباط بالضفة الغربية عام 1988، تم إلغاء وزارة ‏‏"شؤون الأرض المحتلة" وشكلت السلطات الأردنية بدلا عنها "دائرة ‏الشؤون الفلسطينية" التي تتولى الرعاية والإشراف على شؤون اللاجئين ‏والنازحين الفلسطينيين في الأردن‎.‎
وتنبثق عن الدائرة "لجنة تحسين المخيم"، التي تضم في عضويتها قادة ‏وشخصيات من المخيم، وتمثل اللجنة دور المجالس البلدية، فتتعاون مع ‏الحكومة الأردنية ووكالة الأونروا ودائرة الشؤون الفلسطينية، من أجل ‏تحسين البنية التحتية للمخيمات، من طرق وممرات وشبكات المياه ‏والصرف الصحي‎.‎
ويعاني أكثر مخيمات الأردن من كثافة سكانية عالية، ويعد مخيم ‏الوحدات أكثرها اكتظاظا بالسكان، حيث يعيش فوق مساحة تبلغ 486 ‏دونما أكثر من 60 ألف نسمة‎.‎
ويواجه العديد من المساكن مشاكل نقص الإنارة الطبيعية والتهوية، ‏بسبب كثافة البناء وعدم وجود مساحات بين الأبنية مع تدني الخدمات ‏الأساسية، إضافة إلى مشاكل في نظام الصرف الصحي والنظافة العامة‎.‎
أتاح حصول معظم اللاجئين الفلسطينيين في الأردن على الجنسية ‏الأردنية فرصة الاندماج في سوق العمل المحلي غير أن الأوضاع ‏الاقتصادية المتردية في اللاجئ كغيره من المواطنين بل قد تكون وطأتها ‏أشد على سكان المخيمات حيث إن الفرص فيها أدنى منها في غيرها من ‏المناطق ‏
وتعتبر نسبة البطالة في مخيمات الأردن أعلى من معدل البطالة العام .‏
ويعد الوضع أكثر سوءا في مخيم جرش "غزة"؛ إذ إن معظم سكانه ممن ‏نزحوا من قطاع غزة، ومن ثم فهم يحملون الجواز الأردني المؤقت، غير ‏المتمتع بالحقوق الوطنية، وهو ما يمنع اندماجهم الكامل بسوق العمل، ‏بسبب القيود القانونية التي تقلل فرص العمل فلا يسمح لهم بالالتحاق ‏بالوظائف الحكومية أو العمل في بعض المهن مثل طب الأسنان ‏والمحاماة والهندسة الزراعية والمحاسبة القانونية والصيدلة والعمل في ‏القطاع السياحي والبنوك ولا يمكنهم الحصول على رخصة قيادة ‏عمومي‎.‎
أما نسبة الفقر فهي مرتفعة في الأردن فقد كشفت مذكرة صادرة عن ‏برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعام الحالي أن معدل الفقر بلغ في عموم ‏المملكة 4ر35يالمية وتعتبر بيئة المخيمات الهشة أكثر تضررا، حيث ‏يعتبر معدل الدخل العام في المخيمات أقل منه خارجها، وترتفع نسبة ‏الفقر في مخيم غزة بشكل خاص لتصل إلى 54بالمية . ‏




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :