مشاعر " ناشفة " بقلم: طلعت شناعة.




كنتُ صديقا ورفيقاً للمرحومة أُمّي.. وكانت تأخذني معها في زيارتها ومشاويرها النسائية وتاتمنني على " أسرارها ".
وقتها كنتُ " أصغر إخوتي ".. والطفل " المدلل " للعائلة.
رغم ذلك ، لم تكن صداقتي للسيدة الوالدة تخلو من " معاقبتي " كلما فعلتُ ما يوجب العقاب...
دي حاجة ودي حاجة
اتذكر عندما كانت نساء الحارة يجتمعن في " مخيم اربد " في ايام الصيف للتعاون في مشروع " تنشيف " الملوخية والبندورة والبامية وغيرها مثل تحويل العنب الى " تطلي " او " مربّى ".
وكانت نساء الحارة يتعاونّ كل مرة عند واحدة منهنّ...
وكنتُ مكلّفاً بالصعود إلى " الحيطة " بالقفز مثل " العصفور " او " القرد " إلى سطح البيت، وكانت مهمّتي حراسة " سليقة " القمح ومنع الطيور من الاقتراب من حبّات القمح الطرية.
كنتُ أشعر بالملل.. جسدي على سطح البيت وعقلي مع اولاد الحارة.. الذين كانوا يلعبون كرة القدم وأحيانا " يشوطون " الكرة إلى حيث اكون.. انا و سط صيحات والدتي :
ولك يا ( قريد العِشّ ) اي يا صغير ، انتبه العصافير بلاش ياكلوا " السليقة "..
وأحيانا كنتُ ارافق أُمّي إلى حيث مشروع " عمل " دبس / ميّة البندورة .. التي توضع بكميات في وعاء ضخم ويترك على النار يغلي حتى يتحول الى جحيم.
كانت نساء الزمن الماضي وأقصد امهاتنا ، يحولن فواكه الصيف إلى " مونة " الشتاء القادم.
وكنا نشتري ارتال من " الملوخية " الخضراء بعيدانها العملاقة وتقوم امي ومجموعة نساء الحارة ب " تقطيمها " وفصل الاوراق عن العيدان وتركها تجف ومن ثمّ تُحفظ الشتاء.
هناك العديد من " الطبخات " التي كانت النساء تنشغل في تجفيفها لتكون جاهزة في غير موسمها.
تلك الأيام.. كانت مشاعر الناس " صادقة " وليس مثل هذه الأيام مشاعر " مجففة " و " ناشفة ".
الله يرحمك يمّه ..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :