«مصاطب» إلكترونية طلعت شناعة




زمااان
كانت النساء ،بالأحرى « نسوان» الحارة يجتمعن امام بيت إحدى الجارات. ويفترشن الارض قبل اختراع» فرشات الاسفنج» و»الموكيت».
ويتخلل الجلسة «كيلو بزر » من الحجم الصغير» الفِسْفِس» الذي يُطلقون عليه « بزر المطلّقات» او « الارامل»، او «بزر عبّاد الشمس».واغلب الجالسات من « العجائز» من اللواتي بلغن من العمر عتيّا. ويأخذن بممارسة « الغيبة والنميمة» وعلى أوسع مدى.
كانت الارض من التراب ولم يكن ثمّة مشكلة في اتساخ الاثواب،لأنها لم تكن «ثمينة». وهي أشبه بـ « الشُّغل» التي يرتديها «الميكانيكية».
وكان يمر الوقت بطيئا جدا. حتى تتذكّر إحداهنّ أنها لا بدّ ان تقوم لاعداد « الطبخة» للزوج والابناء.
وكنتُ اراهن في الصيف وتحديدا في موسم» الملوخية». فتلتقي النساء امام بيت إحداهنّ ويبدأن بـ» تقطيم» عيدان الملوخية الخضراء،سواء كانت بهدف «الطبيخ» او « التنشيف».
أخبار الحارة تبدأ بالانتشار من تلك الجلسات،وكأنها « محطّات» فضائية، وكان سكّان الحارة يعرفون مشاكل الآخرين ومشاكلهم التي تنتشر بواسطة « أم العبد» و»أم سعيد» و» أم فاروق» مرت عبد اللطيف» و»كنّة أم درويش» وغيرهن .
ما كان يحدث ايام زماااان،صار يتكرر اليوم. والفرق بين « مصطبة ام العبد» وبين» الفيس بوك» تعدد» المصاطب» وتنوعها.
الكل صار « يِفتي»وكل مَن امتلك «موبايل» اصبح « أبو العُرّيف». يتحدث في « السياسة» وفي « الاقتصاد» وفي « الرياضة» ويُطلق « الإشاعات» التي تخلق «بلبلة» بين الناس الذين «يصدّقون» ما تتناقله هذه « المصاطب» الإلكترونية وكأنها «كلام» لا يأتيه الباطل من أي جنب.
«يفتون» في الامور الصحيّة والطبيّة التي تحتاج الى « اختصاصيين» و»مختبرات تحليل»،بكل بساطة وهذه «دواء» للمفاصل وهذه « النبتة» انا جربتها وخفّ « الكرش» اللي كنت اعاني منه من الف سنة وهكذا..
في كرة القدم هناك « البلاوي» السوداء و»المناكفات الصبيانية» و» الولاّدية»،ولكي تنطلي « الشائعة» و» الخرافات» على الناس،تجد مَن يدعم « كلامه» بالصور « المفبركة» و» المؤثِّرة» التي بمجرد ان تراها ،تذرف الدموع.
ارحمونا يا «أصحاب المصاطب الالكترونية»،ولا تدعونا نترحّم على « مصطبة إم العبد».. الله يرحمها ويرحمنا!!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :