حياة مُعلّبة بقلم: طلعت شناعة



أعرف كائنات لا تعرف من البلد الا المنطقة التي يتحركون فيها. وهم يظنون ان مساحة الاردن هي فقط مساحة بيوتهم ، وان سكانها هم فقط الذين يجلسون معهم في « الكفتيريات» و « المقاهي» و» المولات» التي يعتبرونها كل عالمهم.
أعرف كائنات لم تتجاوز بسياراتها الفخمة دوار « الداخلية» ، وفي أحسن الاحوال « العبدلي» حيث كانوا يزورون « سوق الجمعة « الذي اقيم محل موقف الباصات. وعادة ما تراهم يرتدون « الترننغ سوت « و» الابواط البيضاء» ويضغطون على الريموت لاغلاق «جباتهم « الجميلة .
أعرف كائنات (رجالا ونساء) لا يعرفون ان «سقف السيل» في الاردن ، و» سوق السكّر» في الاردن ، و»سوق العصافير» في الاردن ، و «شارع طلال» في الاردن و»سوق البخارية» في عمّان وليس في دمشق.
أعرف كائنات تعتمد على الاخرين في «حلاقة ذقنها» و»غسيل السيارة» و»دفع الفواتير» و»ارسال الاولاد الى المدرسة» و»شراء الملوخية» من الحسبة ، و»تقشير التفاح» حتى ينزلق في حلوقهم بيسر وسهولة.
أعرف كائنات من الفتيات من لا تذهب الى عملها او جامعاتها اذا لم يكن لديها كل « لبس» جديد ، وعادة ما يوصلها « السواق» الى الجامعة والى « النادي» لتمارس « الجِم» و» الرشاقة « و» التمشي ع الماكنة الكهربائية». أعرف كائنات لا تفعل شيئا سوى الثرثرة والنميمة والشكوى تماما مثل اي فقير معدم.
أعرف كائنات لا يتألمون مثل باقي الناس ، ولا يشكون من الجوع ولا يحزنون ولا يندهشون. ملامحهم جامدة مثل الصخر.
حياتهم يمارسها الآخرون عنهم ، ويكتفون فقط بحمل اسمائهم.
حياة.. معلبة مثل الطعام المعلب الذي يأكلونه.
فكركم هاي حياة..
أي حياة؟




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :