• الرئيسية
  • مقالات

  • كتلة العمل الإسلامي تخرج من المولد بلا حمص !!! بقلم : ا. د حسين الخزاعي

كتلة العمل الإسلامي تخرج من المولد بلا حمص !!! بقلم : ا. د حسين الخزاعي


عمانيات -
في الشريط الاخباري لمعظم المواقع الإخبارية، نقرأ ونصدم ونندهش من اعلان كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي عن ترشيح رئيسها النائب المخضرم صالح العرموطي (أبو عماد) ، لموقع رئاسة مجلس النواب.
تؤكد الكتلة بيانها ان هذا الترشيح جاء بعد تواصل الكتلة مع الأحزاب والكتل النيابية والنواب المستقلين، في إطار الاستعداد للاستحقاقات النيابية داخل المجلس، ولحلحلة وتفكيك وقراءة هذه المستجدات المفاجئة والخطيرة غير المسبوقة تاريخيا من قبل حزب جبهة العمل الإسلامي ( الاخوان المسلمين ) للتوصل الى رؤية عامة في ابعاد هذا الاجراء، نتوقف عند المعطيات التالية :
اولاً : يشير بيان كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي عن اجراء لقاءات مع الأحزاب والكتل النيابية والنواب المستقلين، استعدادا للاستحقاقات النيابية في مجلس النواب، والسؤال المطروح ماذا كانت نتيجة هذه اللقاءات ؟ وهل ستدعم هذه الكتل النائب المخضرم صالح العرموطي ام لا ؟ لا يوجد إجابة وردت في بيان الجبهة سوى ان الروح الإيجابية قد غمرت اللقاءات مع المكونات الحزبية كافة، وقد عبرت على نحو واضح عن طموح الجميع في الارتقاء بأداء مجلس النواب واستشعار أهمية تعزيز عمله، في ظل ما يمر به الاردن الحبيب من ظروف.

نفهم من بيان الجبهة، عدم وجود دلائل أو شارات إلى دعم الكتل الأخرى للعرموطي، وسيبقى الدعم محصورا في كتلة الحزب البالغة (31 ) نائبا، وفي حدود (10) نواب من المتعاطفين والمحسوبين على الكتلة ، أي سيتراوح عدد الداعمين بين (40- 45) نائبا فقط، فلماذا الاقدام على هذه المغامرة، والزج بالنائب العرموطي المحبوب شعبيا في هذا الموقف ؟! وماذا يدور في أفكار وخيالات الحزب الذي دفعهم لهذه الخطوة ؟.

ثانياً: يشير بيان كتلة الجبهة، إلى انها تؤكد عملها في المجلس وفق مبدأ التشاركية، ومد اليد لجميع الأطراف، بما يخدم المصلحة العامة للوطن، لكن السؤال الذي يجول في الخاطر والوجدان والفكر الاستراتيجي: ما الذي يضمن او يؤكد ان تعمل الكتل الأخرى او النواب المستقلون مع كتلتكم بمبدأ التشاركية نفسه، ومد يد العون لكم ، بخاصة بعد قراركم خوض انتخابات رئاسة المجلس؟ ، هل تتوقعون دعمكم على حساب مترشحي الكتل والتوافقات الأخرى ؟ هل تتوقعون من النواب المستقلين الجدد الذين فازوا في الانتخابات، بان يناطحوا الكتل الحزبية اذا توحدت واتفقت على مترشح واحد إرضاء لكم ؟ او ان يدعموكم ويغضبوا دوائرهم الانتخابية، والتي قد يكون لها مواقف من حزب الجبهة الذراع السياسي للإخوان المسلمين، وبالطبع، فان نواب المناطق ذات التجمعات العشائرية، لن يضحوا بالوقوف مع كتلة الجبهة على حساب اغضاب الحكومة ، بخاصة وان مطالب كثيرة يجهزونها لتقديمها إلى الحكومة، تتعلق في دوائرهم الانتخابية .

ثالثاً: هل فكر حزب الجبهة على نحو عام وكتلته على نحو خاص جيدا قبل الاقدام على هذه الخطوة؟ ، وما مصير الكتلة اذا اخفق العرموطي بالفوز ؟ ، وهل فكرت الكتلة بان الكتل الأخرى لو قررت تجاهل ترشحه، وعدم التواصل مع كتلة الجبهة ، او التفاوض او التشاور معها، اتخذت المواجهة مع كتلتكم، فماذا ستكون النتيجة؟ ولو قرر المترشحين لرئاسة المجلس الاتفاق بينهم على تقاسم (الكعكة: رئاسة المجلس ونواب الرئيس ولجان المجلس ) ، وتجاهلوا وجود كتلة الجبهة، باختصار هذا سيضع الكتلة والمحسوبين الـ (40) في زاوية العزف المنفرد. وابعادكم عن الشارع، ولن ينفعكم الربع المعطل ولا الحناجر الغاضبة ولا الحجب ولا الاستجوابات ولا الأسئلة، ولا عدم الموافقة على قرار او اقتراح او تعديل او انسحاب من جلسات المجلس، بل سيزيد موقفكم من تغول الحكومة على المجلس ، ما دامت " فتحت العداد " هي 86 نائب موافقا .

رابعاً: وجود كتلة الجبهة بدون هذه المغامرة، يخدم الحزب على نحو عام، والكتلة في المجلس على نحو خاص، كون الكتل كافة بحاجة لكم ، ولكن هذه الخطوة وترشحكم لرئاسة المجلس تبعد الكتل والمستقلين عن التعاون معكم او مساندتكم مستقبلا ، وسيبقى صوت ( أبو عماد ) النائب الشعبي المحبوب الذي ينطق باسم هموم المواطن، صوتا صادحا يدعمه فيه النائب المفوه والعنيد والصلب ناصر النواصرة والدكتورة المبدعة المتواضعة ديمة طهبوب، وغيرهم من كتلة الجبهة ، والحكومة لن تسمع ولن ترى ولن تتحرك حتى لو تحرك النواب الـ 40 الذين يساندونكم .

خامساً: نعود والعود احمد ، إلى البيان الصادر عن كتلة الجبهة ، ونقرا في البيان عبارة ملغومة" ليأخذ مجلس النواب دوره بشكل كامل وفاعل في تحمل المسؤوليات الوطنية في هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها المنطقة العربية" ونتابع ما جاء فيه " إن مجلس النواب من ركائز بناء الدولة وتحصينها وتعزيز حضورها، وإن قوته تعبر عن قوة المجتمع وعن إرادته، وهو قوة لكل سلطات الدولة في مواجهة التحديات والمخاطر والتهديدات. السؤال الذي يجول في الفكر، وبحاجة للغوص في العمق والتحليل ، أن هذه عبارات قوية خطيرة تشير الى احتمالين، الأول: وجود تحالف واتفاق بين الدولة وكتلة العمل الإسلامي على ترشيح العرموطي، لمواجهة تهديدات المترشح الجمهوري دونالد ترامب، وها هو قد فاز في الانتخابات ، بحيث ان شعبية الاخوان الظاهرة ( نصف مليون ) اردني ، والصامتين اضعافا ، توحد الصف المجتمعي لمواجهة التحديات التي يقول عنها البيان، وتكون رسائل لأمريكا وحلفائها، بأن الصوت الشعبي يقف ضد مخططات التهجير وابتلاع الضفة الغربية وتوسعها لصالح دولة الكيان، وفق تصريحات ووعود ترامب للجالية اليهودية في أمريكا، وهذا تفكير سطحي خاطئ، لان ترامب شخصية عنيدة وصديق حميم لدولة الاحتلال ، وسيحقق كل وعوده لإسرائيل، كما أن نتنياهو وصديقة ، لن يسأل او يكترث لمظاهرة او مسيرة او خطاب او شجب واستنكار او بيان عرمري من مجلس النواب او من الاخوان المسلمين وفصائلهم والمحسوبين عليهم، وسيضع مجلس النواب ورئيسه الدولة في موقف محرج مع الأمريكيين ورئيسهم المتهور العنيد الذي لا يتراجع في قرار، ويواصل التنفيذ حتى ينتصر في النهاية. هذه بعض تحليلات لشخصية الرئيس ترامب ، والاحتمال الثاني ان يتم ينسحب المترشحون لرئاسة المجلس والإبقاء على مترشح واحد، يدعم ويسند من الكتل كافة، لمواجهة كتلة حزب الجبهة، والحاق هزيمة بالمترشح العرموطي، برغم محبتهم له ، ولكن المصالح تؤجل المحبة اخي " أبو عماد " ، ولكن يخسر حزب الجبهة قوته وشعبيته التي نالها بفوزه في الانتخابات . وهذا الاحتمال يذكرني بما جرى بتاريخ 12/12/2020 ، ذلك اليوم الذي افشل حصول النائب النقابي المخضرم العرموطي على عضوية اللجنة القانونية اذ حصل على اقل عدد من الأصوات، ولم يتمكن من الانضمام إلى للجنة القانونية، وهذا كان موضع استهجان لما حصل معه، لإفشاله بدلا من التنازل له، وافساح المجال للمعلم والخبير والقانوني والمحامي المعروف في اللجنة، ولكن ابعد نهائيا عن اللجنة القانونية ؟

ماذا تغير اخي العزيز أبو عماد؟ اللاعبون نفسهم يديرون المشهد، في ظل هرولة لتحقيق المكاسب والمنافع، وانهيار مبك في منظومة القيم والأخلاق وعدم احترام الكبير والأستاذ والمعلم والنقيب السابق والمحامي المخضرم . وجرى ما جرى في مشهد دراماتيكي . فهل ترغب بان تعيش اللحظة نفسها يا اخي العزيز أبو عماد ، او ان تعيش الكتلة أجواء فوز النائب احمد الصفدي بمنصب النائب الأول للرئيس بـ 86 صوتا مقابل 29 صوتا للنائب موسى أبو هنطش ، والفارق ان العرموطي سيحصل على 40 صوتا مقابل 90 صوتا للصفدي على اقل تقدير .

سادساً: عندما قررت الكتلة ترشيح النائب العرموطي لرئاسة مجلس النواب ، سؤال مهم تبادر للاذهان: ، لماذا لم تستنسخ كتلة العمل الإسلامي سيناريو مشاركة " الاخوان المسلمين " في المجلس النيابي الحادي عشر في العام 1989 في مختلف اعماله ولجانه وقراراته؟ ، لماذا لم يؤجل البحث في هذا الموضوع للسنة الثانية من عمر المجلس؟ على غرار ما جرى مع النائب الدكتور عبد اللطيف عربيات عليه رحمة الله ، عندما ترشح لرئاسة المجلس في السنة الثانية من عمر المجلس ، ولم تقبل الجماعة الترشح في السنة الأولى، ولكنهم رفضوا رفضا قاطعاً حتى ان يبحث في الأمر، ولم يدخل الاخوان المسلمون من بدايات عمر المجلس في مناكفة وصراع وتنافس ومواجهة على رئاسته ، لا ننسى ظروف مجلس 1989، فهي تختلف كثيرا عما هي عليه في الوقت الحالي، إذ كان حكماء ورجالات الاخوان المسلمين اكثر حكمة وصبرا ودراية، واعمق في تقدير المواقف والظروف، مع محبتي وتقديري واحترامي للجميع .

والسؤال الأهم، ماذا سيقول المجتمع عن هذا الترشيح؟ ، سيقول ان حزب جبهة العمل الإسلامي تملكه الغرور بعد الفوز في الانتخابات، ويبحث الان عن مواقع ومناصب قيادية، وانهم حزب الدولة ولا يختلفون عن الأحزاب المدعومة حكوميا، والتي لا تخفي دعم الحكومة لها.

سابعاً: يخطا منظرو الفكر السياسي والتخطيط الاستراتيجي لحزب الجبهة اذا كانوا قد وضعوا في اجندتهم بأن حصولهم على قرابة النصف مليون صوت في الانتخابات، يوجب عليهم فعل شيء امام قواعدهم الانتخابية، ويجب ان ينافسوا على رئاسة المجلس ، واذا لم يحالفهم الحظ هذه المرة، فعمر المجلس اربع سنوات ، وسيكررون المحاولة مرات أخرى ، هذا التفكير سطحي جدا ، فالعمل في لجان المجلس اهم بكثير لهم ويخدم الحزب والمجتمع ، ولكن ما نلمسه بان خسارة الكتلة في الفوز باللجان سيكون تحصيل حاصل ولو لم يغامروا هذه المغامرة لكانت فرصتهم المشاركة في اللجان كبيرة ، وأيضا التحالف مع الكتل الأخرى على منصب النائب الأول أو الثاني لرئيس مجلس النواب، ولكن جرى ما جرى ولكل جواد كبوة .

وبعد ،،، رحم الله شيوخنا وابائنا وحكمائنا عندما كانوا يقولون " عد للعشرة " قبل الاقدام على تنفيذ أي خطوة او اتخاذ قرار . يبدو انكم يا كتلة الجبهة لم تعدو لـ ( لخمسة مش للعشرة ) ، قراركم خاطيء والتراجع عنه اليوم قبل الغد لمصلحتكم، الا اذا كنتم ترونه خدمة للوطن، ولكن الأحزاب والكتل الأخرى ترى في ترشحها وتوافقها على مرشح واحد لرئاسة مجلس النواب والمناصب الأخرى ولجان المجلس خدمة للوطن، ويبدو ان الكعكة قسمت بين الأحزاب المتوافقة ولم تستفيد كتلكم حتى من " حبة بيتي فور" .

اخر الكلام ،،، جميع المؤشرات تؤكد ان كتلة الجبهة ستخرج من " المولد بلا حمص ... ، هارد لك " .. وللحديث اكثر من تحليل وبقية .

ohok1960@yahoo.com

أستاذ دكتور متخصص في علم الاجتماع




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :