- الرئيسية
شؤون عربية
- ما مصير الطائفة العلوية في "سوريا الجديدة"؟
ما مصير الطائفة العلوية في "سوريا الجديدة"؟
عمانيات - ما هي سوى أيام قلائل على تولي السلطات الجديدة مقاليد الحكم في سوريا، حتى بدأت التوترات تطفو إلى السطح مع أفق سياسي لم تتضح بعد معالمه.
فقد خرج آلاف من أبناء الأقلية العلوية، الأربعاء للتظاهر والاحتجاج في عدد من المدن السورية. والسبب: فيديو متداول يظهر اعتداء مفترضا على مقام للطائفة في حلب، قالت وزارة الداخلية السورية إنه "قديم ويعود لفترة تحرير" المدينة، مشيرة إلى أن الفعل "أقدمت عليه مجموعات مجهولة".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن متظاهرا لقي حتفه في حمص بعدما فتحت قوات الأمن في المدينة النار لتفريق محتجين.
كما أفاد المرصد أيضا بخروج آلاف السوريين العلويين إلى الشوارع في طرطوس واللاذقية وجبلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهي أبرز معاقل هذه الطائفة.
ومن جانبها، أطلقت إدارة العمليات العسكرية بالتعاون مع وزارة الداخلية السورية الخميس عملية في محافظة طرطوس لملاحقة من أسمتهم "فلول ميليشيات" الرئيس المخلوع بشار الأسد، وذلك بعد يوم من احتجاجات دامية مع مسلحين تابعين للنظام السابق.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 17 شخصا الأربعاء في اشتباكات بريف طرطوس بعد أن حاولت قوات أمنية اعتقال ضابط تولى مناصب بارزة في عهد النظام السابق لها علاقة بسجن صيدنايا.
"حزمنا حقائبنا وغادرنا"
"قيل لنا إنهم سيأتون ويذبحوننا... حزمنا حقائبنا وغادرنا". هكذا عبّرت صِبا عن مخاوفها حينما التقاها موفدو فرانس24 إلى سوريا، بالقرب من دمشق.
قبل بضعة أيام، في الثامن من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري وفي هجوم خاطف، استطاعت هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع (الذي كان يدعى أبو محمد الجولاني) إلى جانب فصائل معارضة مسلحة أخرى من السيطرة على العاصمة السورية.
بعد فرار بشار الأسد، الذي حكمت عائلته البلاد بقبضة من حديد لأكثر من خمسة عقود، تقول صبا متنهدة: "كان أزواجنا ضباطا في جيش هذا الغبي".
وتنحدر صبا وعائلتها من نفس طائفة الرئيس المخلوع العلوية، التي يبلغ عددهم اليوم في سوريا مليوني نسمة، أي حوالي 10٪ من سكان سوريا.
وتنحدر الأقلية العلوية في سوريا من المنشقين الشيعة في القرن الحادي عشر، وعرفت التهميش خلال قرون بسبب الحكم السني. لكن تغير الوضع في 1970، عندما استولى أحد حافظ الأسد المنتمي لهذه الطائفة على السلطة بالقوة.
"سقط النظام وسحبهم معه..."
كان معظم العلويين يعيشون في الأرياف حياة بسيطة، ومع استيلاء حافظ الأسد إلى الحكم تغيرت أوضاعهم اجتماعيا وسياسيا نسبيا، إذ بدأ العديد منهم في تولي مناصب في الإدارة والجيش وأجهزة المخابرات وغيرها.
وفي السياق، يذكّر فابريس بالانش، الأستاذ لمحاضر في جامعة ليون2 الفرنسية، والمختص في الشأن السوري، قائلا: "سواء في الجيش أو الشرطة أو الإدارة أو حتى القطاع الصناعي العام، 80٪ من العلويين كانوا يشغلون مناصب في مؤسسات الدولة".
لقد وفر لهم النظام مواطن شغل من المال العام، وأراد بذلك ضمان ولائهم. إلا أن فابريس بالانش يضسيف "سقط النظام وسحبهم معه، فالطائفة ستعاني ويلات الفقر لا محالة".
وبنبرة صارخة، قال سليمان، التقاه موفدو فرانس24 على بضع كيلومترات من العاصمة دمشق، "حتى منزلي ليس ملكي، إنه ملك للجيش".
وأضاف سليمان، وهو رجل مكفوف من الأقلية العلوية لا يملك سوى ما يُرى حوله من أغراض، قائلا: "هكذا أراد لنا بشار الأسد العيش: بالتسول للدولة. وإذا تخلت عنك الدولة ستفقد كل شيء وتموت".
ويوضح فابريس بالانش أنه منذ سبعينيات القرن الماضي، "كان والد الأسد ذكيا بما يكفي لتشكيل تحالفات مع قبائل وطوائف وفئات اجتماعية أخرى".
"الذراع المسلحة" للنظام
وفي هذه المنطقة غير المستقرة، استطاع الأسد الابن الظهور كمحام للأقليات، وعلى وجه الخصوص المسيحيين، من خطر "الجهاديين".
وبالنسبة إلى بالانش، "كان العلويون يمثلون فعلا العمود الفقري لنظام الأسد". وكان عددهم المرتفع في صفوف الجيش، وكذلك في أجهزة أمن الدولة، يثير الاستياء عند غالبية المجتمع السوري.
ويضيف فابريس بالانش، "كان هناك بالفعل استياء عام ضد العلويين"، قبل اندلاع الحرب في 2011. وقد حولت الحرب هذا الاستياء إلى "كراهية دائمة".
ويُذكر أنه مع بداية بالربيع العربي في 2011، خرج سوريون في مظاهرات للمطابلة بإنهاء الدكتاتورية. ورد النظام بقمع وحشي للمظاهرات، ما أدى إلى إغراق البلاد في حرب استمرت عقدا من الزمن.
وقد خلّفت هذه الحرب حوالي 500 ألف قتيل، بينهم 231 ألفا من المدنيين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتفيد هذه المنظمة السورية غير الحكومية بأن 87% من الضحايا المدنيين سقطوا بسبب القوات الموالية للأسد.
وبما أن العلويين يمثلون غالبية هذه القوات، فقد أصبحوا هدفا لانتقام مضاعف، كما يقول بالانش، لأنهم يعتبرون "الذراع المسلحة" للنظام.
وفي أيار/مايو 2012، قُتل حوالي مئة شخص في بلدة الحولة بالقرب من حمص، معظمهم من السنة، على يد "الشبيحة".
وقد سُمح لهذه الميليشيات، وهي مجموعات مسلحة علوية أساسا تابعة لنظام الأسد، بتنفيذ ما يعرف بـ"الأعمال الدنيئة"، إذ تتحرك خارج الإطار الرسمي للجيش، بالحفاظ "إلى حد ما" على صورة القوات النظامية.
"الجولاني... إذا لم تقم بذلك، فسوف نفعل"
وفي مطلع مايو/أيار 2013، تعرضت أحياء تقطنها أغلبية سنية على الساحل، في البيضا وبانياس، لهجوم شنته ميليشيات موالية للنظام. وقتلت في الهجوم عائلات بأكملها، بمن فيها من نساء ورضع، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، التي أكدت إعدام 248 شخصا.
وهدد رجل التقاه موفدو فرانس24 في إدلب قائلا: "يجب معاقبة من قتل السنّيّين واغتصب نساءنا" وأضاف: "الجولاني، إذا لم تقم بذلك، فسوف نفعل".
وبدورهم، عانى العلويون أيضا من كيد العنف السياسي والطائفي. ففي شهر مايو/أيار من العام 2016، قُتل 148 شخصا في هجوم طال طرطوس وجبلة، وهما مدينتان تقطنهما غالبية علوية. وتبنى الهجوم آنذاك تنظيم "الدولة الإسلامية".
كما تعرضت قرية الزارة العلوية أيضا لهجوم في نفس الوقت. وقُتل خلاله ما لا يقل عن 19 مدنيا، هذه المرة على يد مسلحين من جبهة النصرة. وبعدها ببضعة أشهر، غيرت هذه الجماعة الجهادية اسمها، لتصبح "هيئة تحرير الشام" حاليا.
فقد خرج آلاف من أبناء الأقلية العلوية، الأربعاء للتظاهر والاحتجاج في عدد من المدن السورية. والسبب: فيديو متداول يظهر اعتداء مفترضا على مقام للطائفة في حلب، قالت وزارة الداخلية السورية إنه "قديم ويعود لفترة تحرير" المدينة، مشيرة إلى أن الفعل "أقدمت عليه مجموعات مجهولة".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن متظاهرا لقي حتفه في حمص بعدما فتحت قوات الأمن في المدينة النار لتفريق محتجين.
كما أفاد المرصد أيضا بخروج آلاف السوريين العلويين إلى الشوارع في طرطوس واللاذقية وجبلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهي أبرز معاقل هذه الطائفة.
ومن جانبها، أطلقت إدارة العمليات العسكرية بالتعاون مع وزارة الداخلية السورية الخميس عملية في محافظة طرطوس لملاحقة من أسمتهم "فلول ميليشيات" الرئيس المخلوع بشار الأسد، وذلك بعد يوم من احتجاجات دامية مع مسلحين تابعين للنظام السابق.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 17 شخصا الأربعاء في اشتباكات بريف طرطوس بعد أن حاولت قوات أمنية اعتقال ضابط تولى مناصب بارزة في عهد النظام السابق لها علاقة بسجن صيدنايا.
"حزمنا حقائبنا وغادرنا"
"قيل لنا إنهم سيأتون ويذبحوننا... حزمنا حقائبنا وغادرنا". هكذا عبّرت صِبا عن مخاوفها حينما التقاها موفدو فرانس24 إلى سوريا، بالقرب من دمشق.
قبل بضعة أيام، في الثامن من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري وفي هجوم خاطف، استطاعت هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع (الذي كان يدعى أبو محمد الجولاني) إلى جانب فصائل معارضة مسلحة أخرى من السيطرة على العاصمة السورية.
بعد فرار بشار الأسد، الذي حكمت عائلته البلاد بقبضة من حديد لأكثر من خمسة عقود، تقول صبا متنهدة: "كان أزواجنا ضباطا في جيش هذا الغبي".
وتنحدر صبا وعائلتها من نفس طائفة الرئيس المخلوع العلوية، التي يبلغ عددهم اليوم في سوريا مليوني نسمة، أي حوالي 10٪ من سكان سوريا.
وتنحدر الأقلية العلوية في سوريا من المنشقين الشيعة في القرن الحادي عشر، وعرفت التهميش خلال قرون بسبب الحكم السني. لكن تغير الوضع في 1970، عندما استولى أحد حافظ الأسد المنتمي لهذه الطائفة على السلطة بالقوة.
"سقط النظام وسحبهم معه..."
كان معظم العلويين يعيشون في الأرياف حياة بسيطة، ومع استيلاء حافظ الأسد إلى الحكم تغيرت أوضاعهم اجتماعيا وسياسيا نسبيا، إذ بدأ العديد منهم في تولي مناصب في الإدارة والجيش وأجهزة المخابرات وغيرها.
وفي السياق، يذكّر فابريس بالانش، الأستاذ لمحاضر في جامعة ليون2 الفرنسية، والمختص في الشأن السوري، قائلا: "سواء في الجيش أو الشرطة أو الإدارة أو حتى القطاع الصناعي العام، 80٪ من العلويين كانوا يشغلون مناصب في مؤسسات الدولة".
لقد وفر لهم النظام مواطن شغل من المال العام، وأراد بذلك ضمان ولائهم. إلا أن فابريس بالانش يضسيف "سقط النظام وسحبهم معه، فالطائفة ستعاني ويلات الفقر لا محالة".
وبنبرة صارخة، قال سليمان، التقاه موفدو فرانس24 على بضع كيلومترات من العاصمة دمشق، "حتى منزلي ليس ملكي، إنه ملك للجيش".
وأضاف سليمان، وهو رجل مكفوف من الأقلية العلوية لا يملك سوى ما يُرى حوله من أغراض، قائلا: "هكذا أراد لنا بشار الأسد العيش: بالتسول للدولة. وإذا تخلت عنك الدولة ستفقد كل شيء وتموت".
ويوضح فابريس بالانش أنه منذ سبعينيات القرن الماضي، "كان والد الأسد ذكيا بما يكفي لتشكيل تحالفات مع قبائل وطوائف وفئات اجتماعية أخرى".
"الذراع المسلحة" للنظام
وفي هذه المنطقة غير المستقرة، استطاع الأسد الابن الظهور كمحام للأقليات، وعلى وجه الخصوص المسيحيين، من خطر "الجهاديين".
وبالنسبة إلى بالانش، "كان العلويون يمثلون فعلا العمود الفقري لنظام الأسد". وكان عددهم المرتفع في صفوف الجيش، وكذلك في أجهزة أمن الدولة، يثير الاستياء عند غالبية المجتمع السوري.
ويضيف فابريس بالانش، "كان هناك بالفعل استياء عام ضد العلويين"، قبل اندلاع الحرب في 2011. وقد حولت الحرب هذا الاستياء إلى "كراهية دائمة".
ويُذكر أنه مع بداية بالربيع العربي في 2011، خرج سوريون في مظاهرات للمطابلة بإنهاء الدكتاتورية. ورد النظام بقمع وحشي للمظاهرات، ما أدى إلى إغراق البلاد في حرب استمرت عقدا من الزمن.
وقد خلّفت هذه الحرب حوالي 500 ألف قتيل، بينهم 231 ألفا من المدنيين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتفيد هذه المنظمة السورية غير الحكومية بأن 87% من الضحايا المدنيين سقطوا بسبب القوات الموالية للأسد.
وبما أن العلويين يمثلون غالبية هذه القوات، فقد أصبحوا هدفا لانتقام مضاعف، كما يقول بالانش، لأنهم يعتبرون "الذراع المسلحة" للنظام.
وفي أيار/مايو 2012، قُتل حوالي مئة شخص في بلدة الحولة بالقرب من حمص، معظمهم من السنة، على يد "الشبيحة".
وقد سُمح لهذه الميليشيات، وهي مجموعات مسلحة علوية أساسا تابعة لنظام الأسد، بتنفيذ ما يعرف بـ"الأعمال الدنيئة"، إذ تتحرك خارج الإطار الرسمي للجيش، بالحفاظ "إلى حد ما" على صورة القوات النظامية.
"الجولاني... إذا لم تقم بذلك، فسوف نفعل"
وفي مطلع مايو/أيار 2013، تعرضت أحياء تقطنها أغلبية سنية على الساحل، في البيضا وبانياس، لهجوم شنته ميليشيات موالية للنظام. وقتلت في الهجوم عائلات بأكملها، بمن فيها من نساء ورضع، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، التي أكدت إعدام 248 شخصا.
وهدد رجل التقاه موفدو فرانس24 في إدلب قائلا: "يجب معاقبة من قتل السنّيّين واغتصب نساءنا" وأضاف: "الجولاني، إذا لم تقم بذلك، فسوف نفعل".
وبدورهم، عانى العلويون أيضا من كيد العنف السياسي والطائفي. ففي شهر مايو/أيار من العام 2016، قُتل 148 شخصا في هجوم طال طرطوس وجبلة، وهما مدينتان تقطنهما غالبية علوية. وتبنى الهجوم آنذاك تنظيم "الدولة الإسلامية".
كما تعرضت قرية الزارة العلوية أيضا لهجوم في نفس الوقت. وقُتل خلاله ما لا يقل عن 19 مدنيا، هذه المرة على يد مسلحين من جبهة النصرة. وبعدها ببضعة أشهر، غيرت هذه الجماعة الجهادية اسمها، لتصبح "هيئة تحرير الشام" حاليا.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات