خطر التسرّب المدرسي .. عاد ليطرق الأبواب بقلم: نورالدين نديم
عمانيات -
البيئة المدرسية تتأثر بثلاثة أركان رئيسيّة:
- البنية التحتيّة والمرافق البنيويّة.
- النظام التعليمي، والمناهج.
- العنصر البشري "الجهة التنفيذيّة"
فإذا كان أي من هذه الأركان فيه خلل أو أصابه الضعف، فإن هذه البيئة تتحوّل من بيئة تعليميّة تفاعليّة جاذبة للطالب، إلى بيئة طاردة.
ولا يقل أي ركن بأهميته عن باقي الأركان، سواء أساليب التدريس المتبعة داخل الغرفة الصفية أو خارجها، أو الموارد التعليمية وتوفرها من عدمه، أو باقي الظروف التي تهيّئ للطالب بيئة تعليميّة آمنة وصحيّة.
لجأت أنظمة تعليمية في بعض الدول إلى استراتيجية التعلم باللعب، أو التعلم الممتع، كي يشعر الطلاب بالفاعليّة والاستمتاع بتلقّيهم المعلومة، وهم الذين يحترفون استخدام وسائل الترفيه التقنية الحديثة، ويمضون معظم وقتهم عليها، فليس بالأمر السهل عليهم أن ينتقلوا من ممارسة اللعب على التاب مثلاً إلى التلقين داخل الغرفة الصفية لساعات وساعات طويلة.
ولا غرابة أن يشعر الطالب بالملل والانفصام عمّا يدور داخل المدرسة، وأن لا يرغب بالمكوث داخل أسوارها، وأن تكون فرحته بأي سبب للعطلة وتوقف الدوام حتى لو كان مرضًا.
بعض الطلّاب بفعل ما يلاقوه من عنف وتنمر داخل المدرسة، لجؤوا للهروب من مواجهة مشكلتهم بالانسحاب من التعليم.
والبعض عبّروا عن كرههم للبيئة التعليمية وعدم قدرتهم على التفاعل مع ما يجري داخل أسوار المدرسة من أمور لا يفهمونها، ولا يتفاعلون معها، بالهروب، وإن لجأت المدارس لحل تلك المشكلة برفع الأسوار وتمتين الأبواب ووضع الكاميرات، فقد تغلّب بعض الطلّاب على ذلك بأساليب لا تخطر على البال ولا على الخاطر.
وشجّع على ذلك حالات التفكك الأسري، وضعف المراقبة والمتابعة من قبل أولياء الأمور والإرشاد التربوي ومراقبي الدوام في المدارس.
لجأت وزارة التربية والتعليم الأردنيّة إلى وضع خطط علاجيّة للحد من مشكلة التسرّب المدرسي، ولكنها أغفلت معالجة الأسباب المؤدية إليه، كما أغفلت معالجة آثاره السلبية التي أثرت على الطالب كمحور للعملية التعليمية، وعلى البيئة التعليمية ككل.
فأضرار التسرب المدرسي لا تقف عند حدود الطالب المتسرّب، بل تؤثر بشكل كبير على مجموع أركان العملية التعليمية.
فعلى صعيد الطالب، فإن المتسرب يعاني من تراجع فرصه في التعليم إن لم يكن إنعدام هذه الفرص مع تقادم الزمن، ويصبح المتسرب عبء على أهله ومجتمعه، لأنه يتحول لعنصر مستهلك غير منتج، يزيد من أعداد المتعطّلين، ويوسّع من دائرة المحتاجين.
قد يذهب البعض إلى القول : ماذا فعلت الشهادات لأهلها، وماذا استفاد من التزم بالتعليم، وتخرج من الجامعات؟
والجواب ببساطة بأن هؤلاء وإن لم يحالفهم الحظ ولم تعتني بهم خطط الحكومات الإصلاحيّة، إلا أنهم يمتلكون أدوات الحياة المنتجة، وقادرون على المناورة والحركة داخل المجتمع المحلي أو خارجه سواء في الإقليم أو العالم أجمع.
أمّا على صعيد المجتمع فيؤدي التسرب المدرسي إلى تأثره سلبًا، سواء في بنيته الاقتصادية، أو منظومته الخلقية والثقافية، وهذا يدفعنا إلى قرع الجرس لخطورة عودة هذه المشكلة إلى الواجهة من جديد، للبحث عن حلول واقعية قابلة للحياة.
ولعلّ من حلول مشكلة التسرب المدرسي المقترحة:
- أن نبدأ بتجويد نظامنا التعليمي، من خلال أردنة النظريات التعليمية الحديثة، وتكييف مناهجنا الدراسية لتوليد مواد تفاعلية ممتعة للطالب، بعيدًا عن كم الحشو، وكثرة الكتب، وعبء المواد من غير فائدة تمس ممارسات الطالب الحياتية.
- تحسين المرافق والبنية التحتية للمدارس، لتصبح مريحة لنفس وبدن الطالب، سواء من ناحية الحدائق والملاعب، أو الغرف الصفية والكتب الدراسية، وأدوات ومعدّات التعليم المتوفرة.
- تأهيل المعلمين وتدريبهم قبل وأثناء الخدمة على أساليب تدريس فعّالة وجاذبة للطلاب.
- متابعة الحالة الاجتماعية والإقتصادية للطلاب وأسرهم من ذوي الدخل المعدوم أو حتى المحدود، وتقديم المساعدة لهم، بما يضمن وصولهم للمدرسة وحصولهم على حقهم في التعليم.
- توعية المجتمع بأهمية التعليم، خاصة في ظل اتساع دائرة الاحباط لدى الشباب والصبايا وفقدانهم الأمل من جدوى مواصلة التعليم والحصول على الشهادات.
هذه الحملات يجب أن تستهدف أولياء الأمور بشكل عام قبل استهداف الطلاب على وجه الخصوص، لأن أولياء الأمور هم شرارة التحفيز الأولى للطلاب.
- مكافحة التنمر داخل المدارس، والذي يمارسه الطلاب ضد بعضهم البعض، في ظل ضعف الرقابة وتعليمات الانضباط المدرسي الرادعة، والذي يمارسه بعض كوادر العاملين في المدارس أيضًا ضد الطلاب، بتحفيزات سلبية تؤدي إلى عقد وإحباطات نفسية.
التسرب المدرسي مشكلة موجودة وإن انحسرت في فترة ما، إلا أنها بدأت تعود إلى الواجهة من جديد، نتيجة عدة عوامل، لعل تدهور الوضع الاقتصادي أحد أهمها. هذه المشكلة تتطلب منّا تكاتف الجهود وتكاملها من أجل مكافحتها، سواء بتحسين جودة التعليم، أو تقديم الدعم النفسي والمادي للطالب، أو زيادة الوعي لدى الجميع بجدوى التعليم وقدرته على تحقيق تنمية للفرد والمجتمع.
معًا يمكننا أن نضع حظًّا لهذه المشكلة، وصناعة بيئة تعليمية أفضل وجاذبة لأبنائنا الطلبة.
البيئة المدرسية تتأثر بثلاثة أركان رئيسيّة:
- البنية التحتيّة والمرافق البنيويّة.
- النظام التعليمي، والمناهج.
- العنصر البشري "الجهة التنفيذيّة"
فإذا كان أي من هذه الأركان فيه خلل أو أصابه الضعف، فإن هذه البيئة تتحوّل من بيئة تعليميّة تفاعليّة جاذبة للطالب، إلى بيئة طاردة.
ولا يقل أي ركن بأهميته عن باقي الأركان، سواء أساليب التدريس المتبعة داخل الغرفة الصفية أو خارجها، أو الموارد التعليمية وتوفرها من عدمه، أو باقي الظروف التي تهيّئ للطالب بيئة تعليميّة آمنة وصحيّة.
لجأت أنظمة تعليمية في بعض الدول إلى استراتيجية التعلم باللعب، أو التعلم الممتع، كي يشعر الطلاب بالفاعليّة والاستمتاع بتلقّيهم المعلومة، وهم الذين يحترفون استخدام وسائل الترفيه التقنية الحديثة، ويمضون معظم وقتهم عليها، فليس بالأمر السهل عليهم أن ينتقلوا من ممارسة اللعب على التاب مثلاً إلى التلقين داخل الغرفة الصفية لساعات وساعات طويلة.
ولا غرابة أن يشعر الطالب بالملل والانفصام عمّا يدور داخل المدرسة، وأن لا يرغب بالمكوث داخل أسوارها، وأن تكون فرحته بأي سبب للعطلة وتوقف الدوام حتى لو كان مرضًا.
بعض الطلّاب بفعل ما يلاقوه من عنف وتنمر داخل المدرسة، لجؤوا للهروب من مواجهة مشكلتهم بالانسحاب من التعليم.
والبعض عبّروا عن كرههم للبيئة التعليمية وعدم قدرتهم على التفاعل مع ما يجري داخل أسوار المدرسة من أمور لا يفهمونها، ولا يتفاعلون معها، بالهروب، وإن لجأت المدارس لحل تلك المشكلة برفع الأسوار وتمتين الأبواب ووضع الكاميرات، فقد تغلّب بعض الطلّاب على ذلك بأساليب لا تخطر على البال ولا على الخاطر.
وشجّع على ذلك حالات التفكك الأسري، وضعف المراقبة والمتابعة من قبل أولياء الأمور والإرشاد التربوي ومراقبي الدوام في المدارس.
لجأت وزارة التربية والتعليم الأردنيّة إلى وضع خطط علاجيّة للحد من مشكلة التسرّب المدرسي، ولكنها أغفلت معالجة الأسباب المؤدية إليه، كما أغفلت معالجة آثاره السلبية التي أثرت على الطالب كمحور للعملية التعليمية، وعلى البيئة التعليمية ككل.
فأضرار التسرب المدرسي لا تقف عند حدود الطالب المتسرّب، بل تؤثر بشكل كبير على مجموع أركان العملية التعليمية.
فعلى صعيد الطالب، فإن المتسرب يعاني من تراجع فرصه في التعليم إن لم يكن إنعدام هذه الفرص مع تقادم الزمن، ويصبح المتسرب عبء على أهله ومجتمعه، لأنه يتحول لعنصر مستهلك غير منتج، يزيد من أعداد المتعطّلين، ويوسّع من دائرة المحتاجين.
قد يذهب البعض إلى القول : ماذا فعلت الشهادات لأهلها، وماذا استفاد من التزم بالتعليم، وتخرج من الجامعات؟
والجواب ببساطة بأن هؤلاء وإن لم يحالفهم الحظ ولم تعتني بهم خطط الحكومات الإصلاحيّة، إلا أنهم يمتلكون أدوات الحياة المنتجة، وقادرون على المناورة والحركة داخل المجتمع المحلي أو خارجه سواء في الإقليم أو العالم أجمع.
أمّا على صعيد المجتمع فيؤدي التسرب المدرسي إلى تأثره سلبًا، سواء في بنيته الاقتصادية، أو منظومته الخلقية والثقافية، وهذا يدفعنا إلى قرع الجرس لخطورة عودة هذه المشكلة إلى الواجهة من جديد، للبحث عن حلول واقعية قابلة للحياة.
ولعلّ من حلول مشكلة التسرب المدرسي المقترحة:
- أن نبدأ بتجويد نظامنا التعليمي، من خلال أردنة النظريات التعليمية الحديثة، وتكييف مناهجنا الدراسية لتوليد مواد تفاعلية ممتعة للطالب، بعيدًا عن كم الحشو، وكثرة الكتب، وعبء المواد من غير فائدة تمس ممارسات الطالب الحياتية.
- تحسين المرافق والبنية التحتية للمدارس، لتصبح مريحة لنفس وبدن الطالب، سواء من ناحية الحدائق والملاعب، أو الغرف الصفية والكتب الدراسية، وأدوات ومعدّات التعليم المتوفرة.
- تأهيل المعلمين وتدريبهم قبل وأثناء الخدمة على أساليب تدريس فعّالة وجاذبة للطلاب.
- متابعة الحالة الاجتماعية والإقتصادية للطلاب وأسرهم من ذوي الدخل المعدوم أو حتى المحدود، وتقديم المساعدة لهم، بما يضمن وصولهم للمدرسة وحصولهم على حقهم في التعليم.
- توعية المجتمع بأهمية التعليم، خاصة في ظل اتساع دائرة الاحباط لدى الشباب والصبايا وفقدانهم الأمل من جدوى مواصلة التعليم والحصول على الشهادات.
هذه الحملات يجب أن تستهدف أولياء الأمور بشكل عام قبل استهداف الطلاب على وجه الخصوص، لأن أولياء الأمور هم شرارة التحفيز الأولى للطلاب.
- مكافحة التنمر داخل المدارس، والذي يمارسه الطلاب ضد بعضهم البعض، في ظل ضعف الرقابة وتعليمات الانضباط المدرسي الرادعة، والذي يمارسه بعض كوادر العاملين في المدارس أيضًا ضد الطلاب، بتحفيزات سلبية تؤدي إلى عقد وإحباطات نفسية.
التسرب المدرسي مشكلة موجودة وإن انحسرت في فترة ما، إلا أنها بدأت تعود إلى الواجهة من جديد، نتيجة عدة عوامل، لعل تدهور الوضع الاقتصادي أحد أهمها. هذه المشكلة تتطلب منّا تكاتف الجهود وتكاملها من أجل مكافحتها، سواء بتحسين جودة التعليم، أو تقديم الدعم النفسي والمادي للطالب، أو زيادة الوعي لدى الجميع بجدوى التعليم وقدرته على تحقيق تنمية للفرد والمجتمع.
معًا يمكننا أن نضع حظًّا لهذه المشكلة، وصناعة بيئة تعليمية أفضل وجاذبة لأبنائنا الطلبة.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات