الثلاثاء, 25 مارس, 2025

قراءه في كتاب "حدود الدولة" .. الدكتور علي فواز العدوان


يعتبر كتاب "حدود الدولة" مساهمة هامة في فهم أعمق لمسألة الحدود في الشرق الأوسط و يقدم الكتاب تحليلاً شاملاً يجمع بين التاريخ والجغرافيا والسياسة والثقافة مما يساهم في توسيع النقاش حول الحدود وتحدياتها في العصر الحديث والحدود في الشرق الأوسط" للكاتبة "INGA BRANDELL" و يتم تناول قضايا الحدود بعمق من منظور متعدد التخصصات مما يجعله مساهمة مبتكرة في هذا النقاش الحساس و تناقش الكاتبة مسألة الحدود من زوايا مختلفة بما في ذلك الجوانب الجغرافية و الاقتصادية الثقافية وحتى النفسية
مما يعكس الطبيعة المعقدة لهذا الموضوع في سياق الشرق الأوسط حيث الحدود غالبًا ما تكون نتيجة للتدخلات الخارجية والتاريخية.
إحدى الأفكار المحورية التي تعالجها براندل هي دور الحدود في تشكيل الهوية والمجتمعات فهي تسلط الضوء على كيف أن الحدود ليست مجرد خطوط على الخرائط بل هي حواجز نفسية واجتماعية وثقافية تخلق شعورًا بـ"الآخر" و هذا الجانب النفسي يُظهر أهمية الحدود ليس فقط كفاصل مادي بين الدول بل كأداة سياسية واجتماعية تُستخدم لتحديد الهويات وتعزيز القوميات.
تركز براندل أيضًا على مثال سكان الأعمال السوري اللبناني
الذين كانوا يتنقلون تاريخياً عبر الحدود بين البلدين يظهر هذا المثال أن الحدود ليست فقط نقاط فصل بل أيضًا مراكز عبور حيث يمكن للمجتمعات الاستمرار في التواصل والتبادل رغم التحديات التي تفرضها الحدود هذه الحركة العابرة للحدود تمثل تداخلاً في الهويات والاقتصاديات، وتطرح أسئلة حول مدى فعالية الحدود في فصل المجتمعات.
وفي حالة أخرى تتناول الكاتبة تجربة الحدود في قبرص وتُظهر أن الانفصال الجغرافي يمكن أن يؤثر بعمق على العقليات والثقافات هذا التصوير يعكس كيف يمكن للحدود أن تكون أكثر من مجرد حاجز فيزيائي فهي تعيد تشكيل الطريقة التي يفكر بها الأفراد والمجتمعات تجاه بعضهم البعض وتجاه هويتهم.
من الناحية النظرية يقدم الكتاب رؤى جديدة حول دور الحدود في الشرق الأوسط، حيث يجادل بأن الحدود في هذه المنطقة غالبًا ما تُعتبر اعتباطية ومفروضة من قِبل القوى الخارجية. رغم ذلك، تحاول براندل تقديم توازن في هذا الطرح من خلال التركيز على كيفية تأثير الحدود على الحياة اليومية وكيف يمكن لهذه الحدود أن تُعزز أو تُقيد التعاون والاتصال بين الدول والمجتمعات.
ولربط أفكار كتاب "حدود الدولة" للكاتبة INGA BRANDELL بالتصريحات الأخيرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي حول دور جبل العرب في سوريا يمكن تحليل المسألة من خلال الأبعاد المختلفة التي قدمها الكتاب حول الحدود والمجتمعات المتداخلة وكيف يمكن لهذه الأفكار أن تفسر الأهداف السياسية لإسرائيل.
البعد الجغرافي والسياسي للحدود
في كتاب براندل يتم تسليط الضوء على أهمية الحدود كأداة للفصل والتحكم وإسرائيل بتصريحاتها حول جبل العرب قد تسعى إلى استخدام هذا الجبل كمنطقة عازلة أو وسيلة للتحكم الجغرافي في جنوب سوريا. جبل العرب يُعتبر منطقة استراتيجية ويُظهر الكتاب كيف أن السيطرة أو التأثير على مناطق حدودية يمكن أن يؤدي إلى تحولات سياسية وأمنية. بالنسبة لإسرائيل السيطرة على الحدود الشرقية وتحديدًا جبل العرب قد يُمكنها من التحكم في التحركات العسكرية والسياسية في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني وحزب الله في جنوب سوريا.
و التداخل المجتمعي وتأثير الحدود
في رأي براندل يناقش مفهوم "السكان المتداخلين" الذين يعبرون الحدود ويتأثرون بها بالنسبة لدروز جبل العرب وهم أقلية ذات هوية خاصة فإن الحدود لا تُحدد انتماءهم أو علاقاتهم مع الأطراف المختلفة. إسرائيل و من خلال تصريحاتها الأخيرة
تسعى إلى استغلال هذا التداخل المجتمعي بهدف تعزيز علاقاتها مع الطائفة الدرزية في جبل العرب هذه التصريحات قد تكون محاولة لاستخدام الهوية الدرزية كجسر للتأثير أو التعاون كما فعلت إسرائيل سابقًا مع دروز الجولان داخل أراضيها.
براندل تؤكد على أهمية الحدود النفسية والثقافية في تشكيل هويات "الآخر" و إسرائيل من خلال تصريحاتها قد تحاول إعادة تشكيل سردية معينة حول دور دروز جبل العرب كجزء من استراتيجيتها لتعزيز النفوذ والتأثير الثقافي والسياسي. والتركيز على الدروز يُظهر محاولة لتقديمهم كعنصر منفصل عن السياق السوري العام وربما كحليف مستقبلي في إطار الصراع الأكبر في سوريا هذا يتماشى مع الاستراتيجية الإسرائيلية طويلة الأمد في محاولتها تقسيم المجتمعات المجاورة لتعزيز نفوذها.
براندل تُشير إلى تجاوز الحدود للموارد مثل المياه وهو عامل حيوي في الصراع في الشرق الأوسط. إسرائيل قد ترى في جبل العرب فرصة للتأثير في قضايا الموارد خصوصًا في ضوء تحكم المنطقة بمصادر المياه المهمة التي يمكن أن تؤثر على توازن القوى في جنوب سوريا. هذا التداخل بين الحدود الجغرافية والموارد يمكن أن يكون جزءًا من الحسابات الإسرائيلية لتعزيز وجودها في المنطقة من خلال السيطرة أو النفوذ غير المباشر على هذه الموارد.
براندل تناقش كيف يمكن للحدود أن تكون نقطة لتوليد الفوضى أو لإعادة التشكيل السياسي و في حالة سوريا، حيث الحروب والصراعات المستمرة قد أضعفت سيادة الدولة على حدودها قد تكون إسرائيل تحاول استغلال هذا الضعف لتحقيق أهدافها و تصريحاتها حول جبل العرب يمكن تفسيرها كجزء من استراتيجيتها لتعميق الفوضى أو لإعادة تشكيل المنطقة الحدودية بما يتناسب مع مصالحها الأمنية والسياسية.
تصريحات إسرائيل الأخيرة حول دور جبل العرب تتماشى مع الأطر النظرية التي طرحتها إنجا براندل حول الحدود ودورها في تشكيل العلاقات الإقليمية والهويات. إسرائيل تسعى لاستغلال التداخل المجتمعي والسياسي والثقافي في المناطق الحدودية مثل جبل العرب لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، وهو ما يتماشى مع الطرح الذي قدمه الكتاب حول كيفية استخدام الحدود كأداة سياسية لتحكم المجتمعات والسيطرة على الموارد والهوية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :