السبت, 22 مارس, 2025
  • الرئيسية
  • إقتصاد

  • الولايات المتحدة الاميركية تتحول إلى أكبر مصدر للغاز المسال

الولايات المتحدة الاميركية تتحول إلى أكبر مصدر للغاز المسال


عمانيات - كان يستحيل على أي رئيس أميركي أن يطيح بالتحالفات القديمة أو أن يقلب المحاور التي تشكلت عقب الحرب العالمية الثانية في ظل تعطش الولايات المتحدة إلى مصادر الطاقة المستوردة. ولكن اليوم، أصبح بإمكان إدارة الرئيس دونالد ترمب التعويل على سلعة أساسية محلية الصنع من أجل تعزيز نفوذها الجيوسياسي، وهي الغاز الطبيعي المسال.
وتحولت الولايات المتحدة في غضون سبع سنوات فقط من مورّد هامشي للغاز الطبيعي المسال إلى أكبر مصدّر عالمي له، وتستعد اليوم لزيادة إنتاجها 60% خلال الولاية الثانية للرئيس، وذلك وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إن إي إف". إذ ستصبح الولايات المتحدة بحلول نهاية هذا العقد منطلقاً لثلث ناقلات هذا الوقود عالي التبريد، ما قد يتيح لترمب تحقيق الهيمنة في مجال الطاقة التي وعد بها خلال حملته الانتخابية.
رغم كل إجراءات ترمب التي أثارت حفيظة حلفاء الولايات المتحدة، لم يلحق سلوكه غير التقليدي أي ضرر بالإقبال على الغاز الطبيعي المسال الأميركي. فقد سعى في الأسابيع الأولى لولايته الثانية، لإبرام اتفاق سلام في أوكرانيا دون تشاور مع حلفاء واشنطن الرئيسيين أو حتى أوكرانيا نفسها. عمد أيضاً إلى زيادة الرسوم الجمركية على حلفاء بلاده التجاريين وقدم اقتراحاً مزلزلاً لإعادة تشكيل الشرق الأوسط. مع ذلك، كان رد فعل القادة من أوروبا إلى الهند واليابان التعهد بزيادة مشترياتهم من الغاز الطبيعي المسال الأميركي.
قالت إيمي مايرز جاف، أستاذة تمويل الطاقة والمناخ في جامعة نيويورك: "مذهل أن يكون رئيس الولايات المتحدة غير مضطر للقلق حيال استيراد الطاقة حين يجري مفاوضات سلام في الشرق الأوسط أو أوروبا... يمكنه قيادة هذه المحادثات من موقع قوة".
كثيراً ما يتطرق ترمب إلى خططه لتعزيز إنتاج الولايات المتحدة مما يسميه 'الذهب السائل"، وهو النفط المستخرج عبر تقنية التصديع المائي، الذي اتهم إدارة الرئيس السابق جو بايدن بعدم الاستفادة منه بالكامل بسبب مخاوفها من تغير المناخ. مع ذلك، تشير التوقعات إلى أن نمو إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة سيقتصر هذا العام على 2.9% فقط، فيما ينتظر قطاع النفط الصخري استدرار مواقع جديدة. وبينت "ستاندرد آند بورز غلوبال" (S&P Global)، أن "بيرميان"، أكبر حوض نفطي في البلاد، سيبلغ ذروة إنتاجه بحلول 2028، وهو العام الأخير الكامل من ولاية ترمب الرئاسية.

كذلك، لن يتحقق تعهد وزير الخزانة سكوت بيسنت بزيادة إنتاج النفط بمقدار ثلاثة ملايين برميل يومياً إلا إن شمل ذلك ما يُسمى بما يكافئ النفط من المنتجات التي تشمل الغاز، وفقاً للمحلل راوول لوبلان من "ستاندرد آند بورز غلوبال". وقد جاء هذا التعهد كجزء من خطة بيسنت الاقتصادية المسماة '3-3-3'، وتشمل أيضاً خفض العجز المالي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي والحفاظ على معدل نمو اقتصادي بنسبة 3%.

نمو سريع

قال وزير الطاقة كريس رايت في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ في فبراير إن إنتاج النفط: "قد لا ينمو بقدر يُعول عليه على المدى القصير"، لكنه أشار إلى أن إنتاج الغاز في الولايات المتحدة سينمو "بشكل ملحوظ" خلال عامين أو ثلاثة. وكان نائب الرئيس جيه دي فانس صرح خلال حملته الانتخابية في بنسلفانيا: "نحن جالسون على كميات من الغاز الطبيعي تضاهي الطاقة لدى السعودية، وما علينا إلا استخدامه".

تثير هذه التوقعات حماسة المسؤولين التنفيذيين في أكبر شركات النفط والغاز في العالم، وكذلك المسؤولين الحكوميين الذين اجتمعوا في مؤتمر (CERAWeek) الذي نظمته "ستاندرد آندر بورز غلوبال" في هيوستن بدءاً من 10 مارس.

قبل عشرين عاماً فقط، كان مجرد احتمال أن يلعب الغاز الطبيعي دوراً أكبر من خام النفط في الحسابات الدبلوماسية الأميركية ضرباً من الخيال. في مطلع الألفية، كانت الولايات المتحدة تعاني نقصاً في الغاز الذي لم تتعد إسهاماته في إجمالي امدادات الكهرباء في البلاد نسبة 15%، متخلفاً بذلك عن الطاقة النووية والفحم. حتى أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك ألان غرينسبان دعا إلى زيادة كبيرة في الواردات لمعالجة نقص الإمدادات المحلية.

غير أن التطورات التقنية، مثل الحفر الأفقي والتصديع المائي التي انتشرت في أوائل الألفية، سمحت بالاستفادة من احتياطيات النفط والغاز التي كان يصعب بلوغها فيما مضى، من داكوتا الشمالية حتى نيومكسيكو. مذ ذاك، ازداد إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بأكثر من الضعفين، ليصل إلى أكثر من 2.8 مليار متر مكعب يومياً، ويغذي إنتاج 41% من إمدادات الكهرباء في البلاد.

تركيز على الأسواق الأجنبية

ارتفعت إمدادات الغاز الصخري خلال العشرين عاماً الماضية بوتيرة فاقت بكثير الطلب المحلي، ما أدى إلى ركود طويل في الأسعار استمر لعقد وأثر سلباً على أرباح المنتجين. بالتالي، بحث القطاع عن فرص جديدة لاستغلال الفائض، مثل بناء مصانع بتروكيماويات لإنتاج البلاستيك على طول ساحل الخليج. لكن التصدير ظل الهدف الأساسي، نظراً لاستعداد العملاء الدوليين لدفع أسعار أعلى، إذ تحتاج أوروبا إلى بديل مستدام عن الإمدادات الروسية، فيما تحتاج آسيا إلى وقود يدعم اقتصاداتها سريعة النمو، كما تسجل الدول المتقدمة ازدياداً في الطلب على الطاقة الكهربائية لتلبية احتياجات مراكز البيانات المشغّلة للذكاء الاصطناعي.
تسابقت شركات مثل "تشينير إنيرجي" (Cheniere Energy) و"فنتشر غلوبال" (Venture Global) على بناء منشآت ضخمة لتسييل الغاز تقدر كلفتها بمليارات الدولارات لتلبية الطلب من الأسواق الأجنبية.
تعمل هذه المنشآت على تبريد الغاز الطبيعي إلى 160 درجة مئوية تحت الصفر، ما يحوله إلى سائل يمكن نقله على متن سفن متخصصة إلى وجهاته الدولية، حيث يُعاد تحويله إلى غاز. حالياً، تعمل ثماني منشآت من هذا النوع في الولايات المتحدة، وهنالك ثلاث قيد الإنشاء، فيما يوشك عدد من المشاريع على اتخاذ قرار الاستثمار النهائي. في موازاة ذلك، يسعى ترمب إلى إحياء مشروع للغاز الطبيعي المسال في ألاسكا بعدما عانى من طول تلكؤ.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :