«بغداد» وهبت المكان منزلةً أبعد من المتعارف عليه في السرد
عمانيات - عمار الثويني روائي وكاتب عراقي صدر له العديد من الأعمال الروائية، التي تتمحور حول موضوعات التاريخ والمكان وجغرافيته، وعلاقته بالأوضاع الاجتماعية الإنسانية المتأثرة بالمتغيرات المحيطة محلياً وعالمياً.
في حوار سريع حول هذه التفاصيل، وحول آخر أعماله «القِدّيسة بغداد»، التقت «البيان» الكاتب، الذي أكد أن «القِدّيسة بغداد» عبارة عن بحث دقيق في أجزاء من تاريخ وجغرافية بلد هو «العراق»، الذي يمثل البطل لكتاباته.
جوانب
يقول عمار الثويني: إذا نظرنا إلى الرواية من منظور التاريخ فهي تمثل إعادة لقراءته إنسانياً، وإلقاء للضوء على جوانب مطوية فيه، مع الأخذ بالاعتبار ألا يتحول العمل إلى إعادة تدوير التاريخ أو محاكمته. الرواية يجب أن تطوع التاريخ لا تطاوعه، أي لا تتحول إلى تقرير أو سرد حقائق مجردة أو حتى ترويج لأيديولوجية ما، مع عدم القفز على الحقائق المعروفة.
وبالنسبة للمكان، فهو حاضنة الأحداث ووعاء الحكاية والأشخاص، وطالما اقترن العمل الروائي بالمكان بشكل كبير سواء أكان مفترضاً مثل ماكوندو في «مائة عام من العزلة» لماركيز أو حقيقياً مثل أحياء القاهرة في ثلاثية نجيب محفوظ.
وفي رواية «القِدّيسة بغداد»، وهبت المكان، العراق وبغداد بشكل خاص، منزلة أبعد من المتعارف عليه في الرواية، لكأن الشخصية الرئيسة، طارق، تماهت في المكان كونها شطراً منه.
كان هو لسان حال بغداد التي يعشقها، يحدثها، يستشعر مأساتها، يراقب التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية فيها، يتألم لها عندما يراها في خريف العمر، لكنه يدرك تماماً أن جوهرها ومعدنها الأصيل لن يتبدل، المكان بالنسبة لي أبعد من حاضنة الأحداث، ورواية «القِدّيسة بغداد» تماهي الإنسان والمكان.
ضوء
وبسؤاله عن دور الإنسان وفاعليته في الرواية سلباً أو إيجاباً، أوضح عمار الثويني أن الإنسان أهم مكونات وعناصر الرواية باعتباره العامل المتحرك، الواعي، المفكر، علة الصراع الأبدي بين الخير والشر، لذلك، لا يمكن وضعه في خانة السلب والإيجاب بالمطلق. وبتطور الرواية تحول هذا الصراع إلى عدة صور: صراع الإنسان مع ذاته.
وضد المجتمع، حتى ولو بصورة خفية. وشخصياً، أفضّل الأعمال التي تشعل ضوءاً مهما كان خافتاً في نهاية النفق؛ لأنها تتيح حيزاً أكبر للتأمل والتفاعل بالمقارنة مع النهايات الكلاسيكية التي يكون فيها انتصار الخير، أو الإيجاب، على الشر (السلب) في الغالب.
الراوي المشاهد
وعن تقنية المونولوج والحوار، التي تعد من أهم عناصر السرد لدى الثويني قال: أميل في كتابتي الروائية إلى تقنية الراوي العليم، أي الراوي المشاهد الذي يسرد الأحداث ويتابع الشخصيات دون أن يؤثر فيها، حيث تتيح لي هذه التقنية العديد من المزايا كتعدد الشخصيات ذوات الخلفيات والأفكار المتباينة، والتشويق.
وبالتالي سرد أحداث الرواية من فضاءات متعددة وليس من فضاء الراوي الأول، رغبة مني في الانسلاخ عن ذاتي كي لا يتحول العمل إلى سيرة ذاتية.
ومع ذلك، فالروايات المسرودة من خلال الراوي العليم يغلب فيها الحدث على الحديث، والحوارات فيها تكون عامة ولا تتيح الولوج إلى كوامن الشخصية الرئيسة مثلما يحصل لو كان الراوي هو المتحدث، لذلك ألجأ إلى المونولوجات لتكون لحظات الاصطفاء الذاتي للشخصية، الابتعاد عن صيغة السؤال والجواب، طرق مواضيع يُخاف الخوض فيها ربما في العلن أو مع أشخاص لا يشاطرونه الفكرة عينها.
وبالنسبة للحوارات، فعلى الكاتب أن يوازن تماماً في إدراج الحوارات خلال العمل، من دون إفراط أو تفريط، وأن تكون هذه الحوارات متناسبة مع خلفيات الشخصيات وتمنح الثيمة قدراً أكبر من التماسك، وتنقل القارئ إلى جو الأحداث ليعيش هناك مع شخوص الرواية.
خيال
أما عن أسلوبه في المزج بين الواقع والخيال، كما في رواية «مشحوف العم ثيسجر»، فيوضح الثويني أن الخيال عنصر مهم جداً في العمل الروائي/ القصصي؛ فهو يضفي المتعة ومن لا خيال له، لا تشويق له. الخيال يحتاج إلى انسلاخ عن الأنا والذوبان في شخوص العمل والمكان والتفاصيل، والقدرة على تقديم عمل متماسك من الصحفة الأولى إلى الأخيرة.
وبرأيي فإن الروائي المتمكن هو ذلك الكاتب القادر على تقديم عمل يحاكي الواقع بدقة لكن من نسج الخيال بدرجة كبيرة. وفي رواية «مشحوف العم ثيسجر»، لجأت إلى تقنية العودة بالزمن في قمة أحداثها، رغبة مني بسرد تاريخ منطقة الأهوار، التي لا يعرفها كثير من العراقيين حتى سكان المحافظات الآوية لها، لذلك صنعت أكثر من عالم متوازٍ بين ثنايا العمل خلال رحلة تيه الشخصية الرئيسة في انتظار الصحافيين الأميركيين.
جديد
وبسؤاله عن مشروعه القادم، قال الكاتب والروائي العراقي عمار الثويني: مشروعي الأدبي، خاصة في الرواية، متعدد ومتنوع على الرغم من ضيق الوقت في ظل ظروف العمل. ستصدر لي خلال الفترة المقبلة روايتان؛ واحدة لي وعنوانها «الغول البهي»، وتتناول الجريمة من منظور نفسي واجتماعي، ورواية مترجمة، «عالم العنف»، لكولن ولسون.
وقد بدأت منذ فترة نقداً لروايات عديدة، خاصة العراقية، لأنها ستكون مشروعاً لأهم 40 رواية عراقية، وهذا النقد تزاوج ما بين الأسلوب النقدي وبين قراءة ما وراء الكواليس؛ كأنني مفسر لأفكار الروائي التي لم يسع المجال لذكرها.
في حوار سريع حول هذه التفاصيل، وحول آخر أعماله «القِدّيسة بغداد»، التقت «البيان» الكاتب، الذي أكد أن «القِدّيسة بغداد» عبارة عن بحث دقيق في أجزاء من تاريخ وجغرافية بلد هو «العراق»، الذي يمثل البطل لكتاباته.
جوانب
يقول عمار الثويني: إذا نظرنا إلى الرواية من منظور التاريخ فهي تمثل إعادة لقراءته إنسانياً، وإلقاء للضوء على جوانب مطوية فيه، مع الأخذ بالاعتبار ألا يتحول العمل إلى إعادة تدوير التاريخ أو محاكمته. الرواية يجب أن تطوع التاريخ لا تطاوعه، أي لا تتحول إلى تقرير أو سرد حقائق مجردة أو حتى ترويج لأيديولوجية ما، مع عدم القفز على الحقائق المعروفة.
وبالنسبة للمكان، فهو حاضنة الأحداث ووعاء الحكاية والأشخاص، وطالما اقترن العمل الروائي بالمكان بشكل كبير سواء أكان مفترضاً مثل ماكوندو في «مائة عام من العزلة» لماركيز أو حقيقياً مثل أحياء القاهرة في ثلاثية نجيب محفوظ.
وفي رواية «القِدّيسة بغداد»، وهبت المكان، العراق وبغداد بشكل خاص، منزلة أبعد من المتعارف عليه في الرواية، لكأن الشخصية الرئيسة، طارق، تماهت في المكان كونها شطراً منه.
كان هو لسان حال بغداد التي يعشقها، يحدثها، يستشعر مأساتها، يراقب التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية فيها، يتألم لها عندما يراها في خريف العمر، لكنه يدرك تماماً أن جوهرها ومعدنها الأصيل لن يتبدل، المكان بالنسبة لي أبعد من حاضنة الأحداث، ورواية «القِدّيسة بغداد» تماهي الإنسان والمكان.
ضوء
وبسؤاله عن دور الإنسان وفاعليته في الرواية سلباً أو إيجاباً، أوضح عمار الثويني أن الإنسان أهم مكونات وعناصر الرواية باعتباره العامل المتحرك، الواعي، المفكر، علة الصراع الأبدي بين الخير والشر، لذلك، لا يمكن وضعه في خانة السلب والإيجاب بالمطلق. وبتطور الرواية تحول هذا الصراع إلى عدة صور: صراع الإنسان مع ذاته.
وضد المجتمع، حتى ولو بصورة خفية. وشخصياً، أفضّل الأعمال التي تشعل ضوءاً مهما كان خافتاً في نهاية النفق؛ لأنها تتيح حيزاً أكبر للتأمل والتفاعل بالمقارنة مع النهايات الكلاسيكية التي يكون فيها انتصار الخير، أو الإيجاب، على الشر (السلب) في الغالب.
الراوي المشاهد
وعن تقنية المونولوج والحوار، التي تعد من أهم عناصر السرد لدى الثويني قال: أميل في كتابتي الروائية إلى تقنية الراوي العليم، أي الراوي المشاهد الذي يسرد الأحداث ويتابع الشخصيات دون أن يؤثر فيها، حيث تتيح لي هذه التقنية العديد من المزايا كتعدد الشخصيات ذوات الخلفيات والأفكار المتباينة، والتشويق.
وبالتالي سرد أحداث الرواية من فضاءات متعددة وليس من فضاء الراوي الأول، رغبة مني في الانسلاخ عن ذاتي كي لا يتحول العمل إلى سيرة ذاتية.
ومع ذلك، فالروايات المسرودة من خلال الراوي العليم يغلب فيها الحدث على الحديث، والحوارات فيها تكون عامة ولا تتيح الولوج إلى كوامن الشخصية الرئيسة مثلما يحصل لو كان الراوي هو المتحدث، لذلك ألجأ إلى المونولوجات لتكون لحظات الاصطفاء الذاتي للشخصية، الابتعاد عن صيغة السؤال والجواب، طرق مواضيع يُخاف الخوض فيها ربما في العلن أو مع أشخاص لا يشاطرونه الفكرة عينها.
وبالنسبة للحوارات، فعلى الكاتب أن يوازن تماماً في إدراج الحوارات خلال العمل، من دون إفراط أو تفريط، وأن تكون هذه الحوارات متناسبة مع خلفيات الشخصيات وتمنح الثيمة قدراً أكبر من التماسك، وتنقل القارئ إلى جو الأحداث ليعيش هناك مع شخوص الرواية.
خيال
أما عن أسلوبه في المزج بين الواقع والخيال، كما في رواية «مشحوف العم ثيسجر»، فيوضح الثويني أن الخيال عنصر مهم جداً في العمل الروائي/ القصصي؛ فهو يضفي المتعة ومن لا خيال له، لا تشويق له. الخيال يحتاج إلى انسلاخ عن الأنا والذوبان في شخوص العمل والمكان والتفاصيل، والقدرة على تقديم عمل متماسك من الصحفة الأولى إلى الأخيرة.
وبرأيي فإن الروائي المتمكن هو ذلك الكاتب القادر على تقديم عمل يحاكي الواقع بدقة لكن من نسج الخيال بدرجة كبيرة. وفي رواية «مشحوف العم ثيسجر»، لجأت إلى تقنية العودة بالزمن في قمة أحداثها، رغبة مني بسرد تاريخ منطقة الأهوار، التي لا يعرفها كثير من العراقيين حتى سكان المحافظات الآوية لها، لذلك صنعت أكثر من عالم متوازٍ بين ثنايا العمل خلال رحلة تيه الشخصية الرئيسة في انتظار الصحافيين الأميركيين.
جديد
وبسؤاله عن مشروعه القادم، قال الكاتب والروائي العراقي عمار الثويني: مشروعي الأدبي، خاصة في الرواية، متعدد ومتنوع على الرغم من ضيق الوقت في ظل ظروف العمل. ستصدر لي خلال الفترة المقبلة روايتان؛ واحدة لي وعنوانها «الغول البهي»، وتتناول الجريمة من منظور نفسي واجتماعي، ورواية مترجمة، «عالم العنف»، لكولن ولسون.
وقد بدأت منذ فترة نقداً لروايات عديدة، خاصة العراقية، لأنها ستكون مشروعاً لأهم 40 رواية عراقية، وهذا النقد تزاوج ما بين الأسلوب النقدي وبين قراءة ما وراء الكواليس؛ كأنني مفسر لأفكار الروائي التي لم يسع المجال لذكرها.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات