يوم حاسم لكابوس بريكست اليوم: ماي تترقب الخسارة الكبيرة


عمانيات - تنتظر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اليوم الثلاثاء، مهمة مستحيلة لإنقاذ الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، المقرر في 29 مارس/ آذار المقبل. وللدلالة على دقة موقفها، فقد استقال الوزير المكلف بضمان التصويت لصالح الخروج، غاريث جونسون، أمس الاثنين، عشية تصويت البرلمان البريطاني على اتفاق بريكست. وعلى الرغم من أن الاتفاق كان نتيجة أشهر طويلة من التفاوض المضني، إلا أنه يحظى بمعارضة العشرات من النواب البريطانيين من أغلب الأطياف السياسية، ما يرجح رفض البرلمان "النسخة الوحيدة المعروضة" لخروج بريطاني سلس، وهو ما يطرح أيضاً مخاطر كبيرة على بريطانيا، اقتصادياً وسياسياً وعلى كل بقية أوجه الحياة، ثقافياً واجتماعياً ورياضياً.

وبينما يتوقع أن تخسر الحكومة البريطانية التصويت وبهامش كبير، قدرته هيئة الإذاعة البريطانية بـ200 صوت، فإن مشاكل الحكومة البريطانية ستأخذ منعطفاً آخر في حال الهزيمة البرلمانية المتوقعة. فقد سبق أن أقر البرلمان البريطاني قانوناً الأسبوع الماضي يجبر رئيسة الوزراء على التقدم بخطة بديلة لصفقة بريكست في غضون ثلاثة أيام من موعد التصويت، أي بنهاية الأسبوع الحالي، تجنباً للمماطلة، والوصول إلى موقف يجبر فيه البرلمان على الاختيار بين صفقة ماي أو الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.

بدورها، حذّرت ماي، أمس، نواب البرلمان، في ظلّ تركيزها على بعض النواب من العمال المترددين، من أن "خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي سيكون في خطر إذا ما رفضوا الموافقة على الاتفاق الذي توصلت إليه". وبما يمكن اعتباره "نداء استغاثة"، ذكّرت ماي "البعض يريدون تأجيل أو حتى عرقلة الخروج، وسوف يستخدمون كل وسيلة متاحة لهم لفعل ذلك". وأضافت أن "عرقلة الخروج من التكتل هي الآن الاحتمال الأكثر ترجيحاً على الانسحاب دون اتفاق". وقالت ماي إن "عدم وجود اتفاق للبريكست سيضرّ الاقتصاد البريطاني ويضع مستقبل اتحادنا في خطر، فيما أن الفشل في ترك الاتحاد الأوروبي سيكون تدميراً للعملية الديمقراطية".

بدوره، أكد الاتحاد الأوروبي أن التوضيحات التي قدمها لطمأنة لندن حيال نقاط مثيرة للجدل في اتفاق بريكست "لها قيمة قانونية"، وذلك في رسالة وجّهها، أمس، إلى ماي. وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر: "يمكن التأكيد على أن خلاصات المجلس الأوروبي لها قيمة قانونية"، في إشارة إلى التزامات أعلنت خلال قمة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لتفادي إجراء "شبكة الأمان" المتعلقة بالحدود الأيرلندية.

ولم يرغب أكبر مسؤولَين في الاتحاد الأوروبي إعطاء مدة قصوى لتنفيذ حل اللحظة الأخيرة هذا، الذي ينصّ على إبقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، إذا لم يكن هناك حلّ أفضل لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين مقاطعة أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد. إلا أنهما شدّدا على "القيمة القانونية" التي يشكك فيها البعض، لالتزامات اتخذتها الدول الـ27 في ديسمبر. وضمناً أن يكون الاتحاد الأوروبي "مصمماً بحزم على العمل بشكل سريع على صياغة اتفاق لاحق يضع ترتيبات أخرى بحلول 31 ديسمبر 2020، بهدف عدم تفعيل حلّ اللحظة الأخيرة".


وأضافا أنه "في حال كان يجب تفعيل حلّ اللحظة الأخيرة فسيُطبق بشكل موقت، طالما لم يتمّ استبداله باتفاق لاحق يسمح بتجنّب الحدود الفعلية". وقال المسؤولان الأوروبيان إن "الاتحاد سيقوم بكل ما بوسعه لمفاوضة واختتام بشكل سريع هذا الاتفاق الذي سيحلّ مكان حلّ اللحظة الأخيرة". وعلى الرغم من تأكيد يونكر وتوسك على أن خطابهما لا يعد خروجا على مسودة الاتفاق التي تم التوصل إليها مع ماي الشهر الماضي وأنه يتماشى معها، فإنهما قالا إن "التزام زعماء الاتحاد بالتوصل لاتفاق تجاري بسرعة له ثقل قانوني". ويخشى مناصرو بريكست في بريطانيا من أن تكون شبكة الأمان "فخاً" يتيح إبقاء البلاد مرتبطة لمدة غير محددة بالاتحاد الأوروبي رغم الانفصال.

وعلى الرغم من أن ماي كانت قد ضمنت مكانها في زعامة حزب المحافظين نهاية العام الماضي، عندما كسبت تصويتاً داخلياً على الثقة بها، سيكون فشلها في تمرير الاتفاق فاتحة لخيارات عدة أخرى، منها طلب المعارضة البرلمانية سحب الثقة من الحكومة، وهو ما قد ينال دعم متمردي حزب المحافظين، وبالتالي التوجه لانتخابات عامة، أو أن ينال خيار الاستفتاء الثاني الدعم الكافي ليصبح أمراً واقعاً، أو حتى أن يسحب البرلمان البريطاني قرار بريكست من الحكومة. والخيار الأخير، إن حصل، سيقود إلى شكل من أشكال البريكست المخفف الذي ينال دعم أغلبية النواب البريطانيين. وهكذا، فإن بريطانيا تشهد أسبوعاً حاسماً مفتوحاً على كافة الخيارات، وبالتأكيد سيكون مرحلة تحول في تاريخ بريطانيا الحديث، مماثلاً لذلك التحول النيوليبرالي في عهد مارغريت ثاتشر أو التحولات في عهد العمال ما بعد الحرب العالمية الثانية. فتلك محطات حولت من شكل بريطانيا وكان لها تأثير واسع على المجتمع والاقتصاد البريطانيين لعقود تلت.

الأمر شبه الأكيد هو خسارة ماي للتصويت، حيث إن عدد النواب المتوقع أن يصوتوا لصالح صفقتها لا يتجاوز 185 نائباً، وفقاً لاستطلاع أجرته "سكاي نيوز"، بينما تحتاج ماي إلى 318 صوتاً (من أصل مجموع 650 صوتاً في مجلس العموم) كي تجتاز هذا الامتحان. ويقتصر هذا العدد على الكتلة الرئيسية في حزب المحافظين الحاكم والتي تدعم خط رئاسة الحزب.
وبينما يذكر الاستطلاع وجود نحو 30 نائباً ممن لم يحسموا أمرهم، فإن 425 برلمانياً يتوقع أن يصوتوا ضد صفقة ماي. ويشمل هذا العدد نحو 90 من متشددي بريكست الذين يرفضون صفقة ماي لأنهم يرون فيها تبعية للاتحاد الأوروبي، تحديداً خطة المساندة التي تهدف لعدم قيام الحدود الأيرلندية البريطانية بعد بريكست. ويعود رفضهم لها إلى أن ثمنها سيكون التزام بريطانيا في عضوية الاتحاد الجمركي الأوروبي لفترة قد تمتد حتى نهاية القرن الحالي. كما يوجد فصيل آخر في حزب المحافظين من مؤيدي بريكست مخفف يشمل نحو 20 صوتاً، ويعارض صفقة ماي، كونه يرى فيها ضرراً للاقتصاد البريطاني. أما حزب العمال البريطاني المعارض، الذي يملك أكثر من 250 نائباً، فيتجه نوابه إلى إسقاط اتفاق ماي أيضاً، لأنه لا يتفق مع رؤية الحزب لبريكست يحمي الوظائف البريطانية ومستوى الحياة في البلاد. ويسعى حزب العمال إلى أن يدفع برؤيته الخاصة للبريكست عبر الانتخابات العامة. ولذلك فقد كان زعيم الحزب، جيريمي كوربن، قد تعهد بالتقدم بطلب سحب الثقة من حكومة ماي بأسرع وقت ممكن في حال فشل التصويت.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :