"نحو مهد العالم – رسائل من الهند" الكتاب الحائز على جائزة ابن بطوطة
عمانيات - صدر حديثاً عن منشورات المتوسط -إيطاليا ودار السويدي -الإمارات العربية المتحدة، الكتاب الحائز على جائزة ابن بطوطة للترجمة لعام 2020، بعنوان: "نحو مهد العالم – رسائل من الهند"، للشاعر الإيطالي غويدو غوتْسانو، ترجمه عن الإيطالية الشاعر السوري أمارجي.
الكتابُ الذي مِن الجيِّد أنَّ القارئ، بعدَ أن يُغلقَه، حسبَ توطئة المُترجم، قد يتأخَّرُ قليلاً قبل أن يصل إلى خُلاصةٍ حول مغزاه وقيمته. سوف يسمع، حينئذٍ، فيضاً من أصواتٍ واهنةٍ وثقيلةٍ تتآلفُ في انسجامٍ مُغْرٍ وحزينٍ؛ وسوف يرى غُمَارةً من بقعٍ لونيَّةٍ، بقعٍ كانت تبدو له من قبلُ وكأنَّها أُلقيَتْ عشوائيَّاً، تلتئمُ عند الحوافِّ وتشكِّل لوحةً. الألوان الابتدائيَّةُ والصَّريحةُ التي كانت تبدو لنا، طوالَ قراءتنا الكتابَ، متجاورةً، سوف تُعَدِّلها ذاكرتنا.
يُهيْمِن على لغة غوتْسانو الشِّعريَّة كآبةٌ وإحساسٌ بالموت، ولكنَّ فيها أيضًا رغبةً رومانسيَّةً في الفرح والحب لا تلبث أن تصطدم بالحقيقة اليوميَّة لمرضِه، وبيأسٍ مرير. وممّا جاء في التوطئة التي كتبها جوزِبِّهْ أنطونيو بورغيزِهْ في باريس العام 1917: "...بعد قرونٍ من تثبيت القَدَم في تربة الوطن، ومن العصبيَّة المحلِّيَّة التي لا تخلو من رائحة الثُّوم، هيَ ذي إيطاليا الجديدة والمتعطِّشة لكلِّ جديدٍ، إيطاليا اليابانيَّة قليلاً لقلقها من المستقبل، والأمريكيَّة قليلاً لازدرائها القيود التَّقليديَّة. هناك، بالفِعل، إرهاصةُ مستقبليَّةٍ في هذا السَّفر لأجل السَّفر، في هذه الرِّحلةِ المختلفةِ كلِّيَّاً عن الرِّحلات الحميمة والنَّفسيَّة للرُّومانسيِّين، في هذه الارتيادات الاستكشافيَّةِ للشَّمال والشَّرق، للعواصم الضَّبابيَّة وجبهاتِ القتال. لم تُسهم أسرابٌ من الرَّحَّالة وكِبارِ المراسلين الصَّحفيِّين، بعد عودتهم إلى ديارهم، في إدخال الويسكي والصُّودا وآلة الحلاقة الأوتوماتيكيَّة فحسب، بل أسهمَتْ أيضاً في إدخال عددٍ معيَّنٍ من الانطباعات الجديدة والأفكار المرنة التي كانت مفيدةً لتركيز انتباهنا جيِّداً على الهدف، وكذلك في إدخال عددٍ معيَّنٍ من الكلمات الفتيَّة، والصُّوَر اللَّاذعة، والمجازفات النَّحويَّة التي جعل منها الأسلوبُ التَّجريبيُّ للمدارس الشِّعريَّة الجديدة آنذاك فضاءً للعربدة، وإنْ كانت ستعطي بعض الثِّمار الجيِّدة في شِعر الغد".
الكتاب جاء في 208 صفحات من القطع الوسط، وقد نال عنه أمارجي جائزة ابن بطوطة في فرع الترجمة.
ولد غويدو غوتْسانو في 19 كانون الأوَّل/ ديسمبر 1883 في مدينة تورينو الإيطاليَّة، وتوفِّي فيها وله من العمر 32 عاماً فقط إثر إصابته بالسل. ارتبط اسمُه بالغُروبيَّة أو الغسقيَّة، وهي مذهب في الشِّعر الإيطالي شاع في أوائل القرن العشرين ويخلط بين السُّخرية والكآبة. تأثَّر في بداياته بشعر غابرييل دانُّونتسو، ولكنَّ اكتشافه لقصائد جوفانِّي باسكولي فيما بعد قرَّبه من مذهب الشُّعراء الباطنيِّين Intimisti الذين عُرفوا فيما بعد بالغروبيِّين. في سنة 1903، نشرَ قصائده الأولى في مجلَّة «جُمعة الكونتِسَّة» التي كانت تصدر في تورينو. وفي سنة 1907 صدرت مجموعته الشِّعريَّة الأولى «طريق اللجوء»، وقد ضمَّت 30 قصيدةً استقبلها النُّقَّاد بترحابٍ كبير. وفي 1911 أصدرَ منجزَه الشِّعريَّ الأهم «المسامَرات»، المكوَّن من ثلاثة أجزاء، والذي لقي نجاحاً منقطع النَّظير انهالت في إثره على الشَّاعر رسائل من أهم الصُّحف والمجلَّات تلتمس منه الكتابة فيها. في 1912 قام برحلةٍ إلى الهند، حيث أقام هناك بين شباط ونيسان، ليتمخَّض عن هذه الرِّحلة كتاب «رسائل من الهند» الذي نشِر بعد سنةٍ من موتِه. في سنة 1914 نشر في مجلَّة La Stampa مقاطع من قصيدته الطَّويلة «الفراشات» التي لم يكمل إنجازها؛ وفي العام نفسِه نشرَ ستَّ حكاياتٍ جميلة في كتابٍ عنوانه «ثلاث تعويذات». في سنة 1916، سنةِ موتِه، عمل على سيناريو فيلمٍ عن القدِّيس فرنسيس الأسيزيِّ، ولكنَّ الفيلم لم يبصر النُّور.
اما المترجم السُّوري رامي يونس. وُلدَ بمدينة اللاذقية في 9 آذار/ مارس، سنة 1980. صدر له شعراً: "ن"، 2008. بِيرودجا: "النَّص- الجسد"، 2009. مِلاحاتٌ إيروسيَّة، 2011. وردةُ الحيوان، 2014. (صدرَتْ بالإيطاليَّة عن دار تزونا كونتمبورانيا، روما، 2015). بِفَمٍ مليءٍ بالبرق، (شذرات)، 2019. كما صدرت له حديثاً مجموعة شعرية جديدة عن منشورات المتوسط، بعنوان: فيلولوجيا الأزهار، 2020.
ترجمَ عن الإيطالية عن الإيطالية عدة كتب منها: الأرض الميِّتة، غابرييل دانُّونتسو، 2012. الأعمال الأدبيَّة، ليوناردو دافنشي، 2015. شجرة القنفذ والرَّسائل الجديدة، أنطونيو غرامشي، 2016. البحرُ المُحيط، ألِسَّاندرو باريكُّو، 2017. واحدٌ ولا أحد ومِائة ألف، لويجي بيراندِللو، 2017. زهرةُ القيامة: عجائب الألفيَّة الثَّالثة، إمليو سالغاري، 2018، والكتب الثلاثة الأخيرة صدرت عن منشورات المتوسط. كما ترجم كذلك: غيرةُ اللُّغات، 2019. سنةُ ألفٍ و993، جوزيه ساراماغو،
الكتابُ الذي مِن الجيِّد أنَّ القارئ، بعدَ أن يُغلقَه، حسبَ توطئة المُترجم، قد يتأخَّرُ قليلاً قبل أن يصل إلى خُلاصةٍ حول مغزاه وقيمته. سوف يسمع، حينئذٍ، فيضاً من أصواتٍ واهنةٍ وثقيلةٍ تتآلفُ في انسجامٍ مُغْرٍ وحزينٍ؛ وسوف يرى غُمَارةً من بقعٍ لونيَّةٍ، بقعٍ كانت تبدو له من قبلُ وكأنَّها أُلقيَتْ عشوائيَّاً، تلتئمُ عند الحوافِّ وتشكِّل لوحةً. الألوان الابتدائيَّةُ والصَّريحةُ التي كانت تبدو لنا، طوالَ قراءتنا الكتابَ، متجاورةً، سوف تُعَدِّلها ذاكرتنا.
يُهيْمِن على لغة غوتْسانو الشِّعريَّة كآبةٌ وإحساسٌ بالموت، ولكنَّ فيها أيضًا رغبةً رومانسيَّةً في الفرح والحب لا تلبث أن تصطدم بالحقيقة اليوميَّة لمرضِه، وبيأسٍ مرير. وممّا جاء في التوطئة التي كتبها جوزِبِّهْ أنطونيو بورغيزِهْ في باريس العام 1917: "...بعد قرونٍ من تثبيت القَدَم في تربة الوطن، ومن العصبيَّة المحلِّيَّة التي لا تخلو من رائحة الثُّوم، هيَ ذي إيطاليا الجديدة والمتعطِّشة لكلِّ جديدٍ، إيطاليا اليابانيَّة قليلاً لقلقها من المستقبل، والأمريكيَّة قليلاً لازدرائها القيود التَّقليديَّة. هناك، بالفِعل، إرهاصةُ مستقبليَّةٍ في هذا السَّفر لأجل السَّفر، في هذه الرِّحلةِ المختلفةِ كلِّيَّاً عن الرِّحلات الحميمة والنَّفسيَّة للرُّومانسيِّين، في هذه الارتيادات الاستكشافيَّةِ للشَّمال والشَّرق، للعواصم الضَّبابيَّة وجبهاتِ القتال. لم تُسهم أسرابٌ من الرَّحَّالة وكِبارِ المراسلين الصَّحفيِّين، بعد عودتهم إلى ديارهم، في إدخال الويسكي والصُّودا وآلة الحلاقة الأوتوماتيكيَّة فحسب، بل أسهمَتْ أيضاً في إدخال عددٍ معيَّنٍ من الانطباعات الجديدة والأفكار المرنة التي كانت مفيدةً لتركيز انتباهنا جيِّداً على الهدف، وكذلك في إدخال عددٍ معيَّنٍ من الكلمات الفتيَّة، والصُّوَر اللَّاذعة، والمجازفات النَّحويَّة التي جعل منها الأسلوبُ التَّجريبيُّ للمدارس الشِّعريَّة الجديدة آنذاك فضاءً للعربدة، وإنْ كانت ستعطي بعض الثِّمار الجيِّدة في شِعر الغد".
الكتاب جاء في 208 صفحات من القطع الوسط، وقد نال عنه أمارجي جائزة ابن بطوطة في فرع الترجمة.
ولد غويدو غوتْسانو في 19 كانون الأوَّل/ ديسمبر 1883 في مدينة تورينو الإيطاليَّة، وتوفِّي فيها وله من العمر 32 عاماً فقط إثر إصابته بالسل. ارتبط اسمُه بالغُروبيَّة أو الغسقيَّة، وهي مذهب في الشِّعر الإيطالي شاع في أوائل القرن العشرين ويخلط بين السُّخرية والكآبة. تأثَّر في بداياته بشعر غابرييل دانُّونتسو، ولكنَّ اكتشافه لقصائد جوفانِّي باسكولي فيما بعد قرَّبه من مذهب الشُّعراء الباطنيِّين Intimisti الذين عُرفوا فيما بعد بالغروبيِّين. في سنة 1903، نشرَ قصائده الأولى في مجلَّة «جُمعة الكونتِسَّة» التي كانت تصدر في تورينو. وفي سنة 1907 صدرت مجموعته الشِّعريَّة الأولى «طريق اللجوء»، وقد ضمَّت 30 قصيدةً استقبلها النُّقَّاد بترحابٍ كبير. وفي 1911 أصدرَ منجزَه الشِّعريَّ الأهم «المسامَرات»، المكوَّن من ثلاثة أجزاء، والذي لقي نجاحاً منقطع النَّظير انهالت في إثره على الشَّاعر رسائل من أهم الصُّحف والمجلَّات تلتمس منه الكتابة فيها. في 1912 قام برحلةٍ إلى الهند، حيث أقام هناك بين شباط ونيسان، ليتمخَّض عن هذه الرِّحلة كتاب «رسائل من الهند» الذي نشِر بعد سنةٍ من موتِه. في سنة 1914 نشر في مجلَّة La Stampa مقاطع من قصيدته الطَّويلة «الفراشات» التي لم يكمل إنجازها؛ وفي العام نفسِه نشرَ ستَّ حكاياتٍ جميلة في كتابٍ عنوانه «ثلاث تعويذات». في سنة 1916، سنةِ موتِه، عمل على سيناريو فيلمٍ عن القدِّيس فرنسيس الأسيزيِّ، ولكنَّ الفيلم لم يبصر النُّور.
اما المترجم السُّوري رامي يونس. وُلدَ بمدينة اللاذقية في 9 آذار/ مارس، سنة 1980. صدر له شعراً: "ن"، 2008. بِيرودجا: "النَّص- الجسد"، 2009. مِلاحاتٌ إيروسيَّة، 2011. وردةُ الحيوان، 2014. (صدرَتْ بالإيطاليَّة عن دار تزونا كونتمبورانيا، روما، 2015). بِفَمٍ مليءٍ بالبرق، (شذرات)، 2019. كما صدرت له حديثاً مجموعة شعرية جديدة عن منشورات المتوسط، بعنوان: فيلولوجيا الأزهار، 2020.
ترجمَ عن الإيطالية عن الإيطالية عدة كتب منها: الأرض الميِّتة، غابرييل دانُّونتسو، 2012. الأعمال الأدبيَّة، ليوناردو دافنشي، 2015. شجرة القنفذ والرَّسائل الجديدة، أنطونيو غرامشي، 2016. البحرُ المُحيط، ألِسَّاندرو باريكُّو، 2017. واحدٌ ولا أحد ومِائة ألف، لويجي بيراندِللو، 2017. زهرةُ القيامة: عجائب الألفيَّة الثَّالثة، إمليو سالغاري، 2018، والكتب الثلاثة الأخيرة صدرت عن منشورات المتوسط. كما ترجم كذلك: غيرةُ اللُّغات، 2019. سنةُ ألفٍ و993، جوزيه ساراماغو،
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات