سلسلة في آخر الأسبوع خاطرة
القطة
كانت تستهويني فيما مضى تجميع الصور الكاريكاتورية .. فكنت أقصها من الجريدة اليومية وألصقها على صفحات دفتر منسق ومزين برسوم ولاصقات لورود وأشكال جميلة (فهو يشبه إلى حد ما فكرة ألبوم الصور) .. وكانت اهتماماتي تميل للناحية الاجتماعية فلم تكن وما زالت لا تستهويني الأمور السياسية .. وعودة لألبوم الكاريكاتير الحافظ لهذه الصور .. فإن منها ما يبقى عالقًا بالذاكرة إما لإبداع في الرسم .. أو لطرح فكرة جديدة .. أو غريبة .. وأحيانا لأنني لم أفهم المقصود من الرسمة فتظل عالقة في ذهني أبحث لها عن تفسير أو قصد للرسام .. فإما أن أعثر على هذا القصد وإما أن تزول من ذاكرتي هذة الرسمة لمرور الوقت وبقاءها في مكان بعيد في الذاكرة طويلة المدى .. ومما يدغدغ ذاكرتي ولا يغيب عن فكري في الوقت الحالي صورة لرئيس قسم يتم تأنيبه من صاحب الشركة لخطأ حصل في العمل .. فيؤنب بدوره رئيس القسم المدير المسؤول .. ثم يؤنب المدير الموظف .. والموظف زوجته .. والزوجة أولادها .. وفي النهاية يفرغ الأولاد غضبهم في قطة المنزل ..
ربما مرت سنوات على مشاهدتي لتلك الرسمة .. إلا أنني أظل أستذكر صورة القطة التي تخطر ببالي من فترة لاخرى .. أحيانا أتعاطف معها فهي الحلقة الأضعف في سلسلة الاستقواء السابق .. وأحيانا اخرى أستغرب كيف تم تأنيبها لذنب لم تقترفه .. وفي أحيان كثيرة تراودني فكرة كيف توقف الذنب عند القطة: هل لأنها لم تجد بدورها من تلقي باللوم عليه .. أم لأنها اقتنعت فعلًا أنها المخطئة .. أو لربما تكيفت مع دور المظلوم فهي لا حول لها ولا قوة ..
وفي كل الأحوال تكمن مشكلة .. فلا يعني سكوت القطة نهاية القصة .. فهي لم تغضب لمهارة اكتسبتها في فن إدارة الغضب .. أو لقدرة تمتلكها في كيف تعبر عن رفضها لظلم حل بها ..
سكوت القطة كان مؤشر ضعف تملكها .. فقد تكون حاولت أن تقاوم مرة أو ثلاثا .. فواجهت قوة وعشوائية وهمجية الأولاد التي تغلبت على طبيعة بنيتها .. فأخرست لسانها وقللت حيلتها .. وشلت قدرتها .. ورسخت في ذهنها فكرة: أنها في نهاية الأمر لا تزال قطة .. فكانت هذه بداية قصة حياة القطة .. التي عاشتها وأنهتها وهي تعتقد أنها لم تولد حرة ..
كثير منا يتجرع الظلم ويتناسى أو يتعايش مع ألم سببه له قريب أو غريب أو صاحب سلطة عليه .. ويحاول أن يتجاوز عن قهر حل به .. إما خوفًا من توابع ما قد يبوح به .. أو تضحية من أجل غيره .. أو ليبقي على سكن أمنه لنفسه .. أو ليحافظ على ما تبقى له من ماء وجهه .. وربما لسبب اخر خاص به .. فيُبقي على صمته .. مدعيًا بسكوته أنه قد تعايش مع ما ألَمَّ به .. فيجد أنه مجبر على أن يحيا حياة كحياة القطة ..
لذا أرجوكم لا تصدقوا قصة تكيف القطة مع ظلم حل بها .. فهي لم تستسغها يومًا فلا يعقل ..
وأكاد أسمع لسان حالها يقول بل ويصرخ: اللهم أغثني فأنا لم أقبل بها يومًا ولم أعد أحتمل حياة القطة
القطة
كانت تستهويني فيما مضى تجميع الصور الكاريكاتورية .. فكنت أقصها من الجريدة اليومية وألصقها على صفحات دفتر منسق ومزين برسوم ولاصقات لورود وأشكال جميلة (فهو يشبه إلى حد ما فكرة ألبوم الصور) .. وكانت اهتماماتي تميل للناحية الاجتماعية فلم تكن وما زالت لا تستهويني الأمور السياسية .. وعودة لألبوم الكاريكاتير الحافظ لهذه الصور .. فإن منها ما يبقى عالقًا بالذاكرة إما لإبداع في الرسم .. أو لطرح فكرة جديدة .. أو غريبة .. وأحيانا لأنني لم أفهم المقصود من الرسمة فتظل عالقة في ذهني أبحث لها عن تفسير أو قصد للرسام .. فإما أن أعثر على هذا القصد وإما أن تزول من ذاكرتي هذة الرسمة لمرور الوقت وبقاءها في مكان بعيد في الذاكرة طويلة المدى .. ومما يدغدغ ذاكرتي ولا يغيب عن فكري في الوقت الحالي صورة لرئيس قسم يتم تأنيبه من صاحب الشركة لخطأ حصل في العمل .. فيؤنب بدوره رئيس القسم المدير المسؤول .. ثم يؤنب المدير الموظف .. والموظف زوجته .. والزوجة أولادها .. وفي النهاية يفرغ الأولاد غضبهم في قطة المنزل ..
ربما مرت سنوات على مشاهدتي لتلك الرسمة .. إلا أنني أظل أستذكر صورة القطة التي تخطر ببالي من فترة لاخرى .. أحيانا أتعاطف معها فهي الحلقة الأضعف في سلسلة الاستقواء السابق .. وأحيانا اخرى أستغرب كيف تم تأنيبها لذنب لم تقترفه .. وفي أحيان كثيرة تراودني فكرة كيف توقف الذنب عند القطة: هل لأنها لم تجد بدورها من تلقي باللوم عليه .. أم لأنها اقتنعت فعلًا أنها المخطئة .. أو لربما تكيفت مع دور المظلوم فهي لا حول لها ولا قوة ..
وفي كل الأحوال تكمن مشكلة .. فلا يعني سكوت القطة نهاية القصة .. فهي لم تغضب لمهارة اكتسبتها في فن إدارة الغضب .. أو لقدرة تمتلكها في كيف تعبر عن رفضها لظلم حل بها ..
سكوت القطة كان مؤشر ضعف تملكها .. فقد تكون حاولت أن تقاوم مرة أو ثلاثا .. فواجهت قوة وعشوائية وهمجية الأولاد التي تغلبت على طبيعة بنيتها .. فأخرست لسانها وقللت حيلتها .. وشلت قدرتها .. ورسخت في ذهنها فكرة: أنها في نهاية الأمر لا تزال قطة .. فكانت هذه بداية قصة حياة القطة .. التي عاشتها وأنهتها وهي تعتقد أنها لم تولد حرة ..
كثير منا يتجرع الظلم ويتناسى أو يتعايش مع ألم سببه له قريب أو غريب أو صاحب سلطة عليه .. ويحاول أن يتجاوز عن قهر حل به .. إما خوفًا من توابع ما قد يبوح به .. أو تضحية من أجل غيره .. أو ليبقي على سكن أمنه لنفسه .. أو ليحافظ على ما تبقى له من ماء وجهه .. وربما لسبب اخر خاص به .. فيُبقي على صمته .. مدعيًا بسكوته أنه قد تعايش مع ما ألَمَّ به .. فيجد أنه مجبر على أن يحيا حياة كحياة القطة ..
لذا أرجوكم لا تصدقوا قصة تكيف القطة مع ظلم حل بها .. فهي لم تستسغها يومًا فلا يعقل ..
وأكاد أسمع لسان حالها يقول بل ويصرخ: اللهم أغثني فأنا لم أقبل بها يومًا ولم أعد أحتمل حياة القطة
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات