سلسلة في اخر الأسبوع خاطرة
اسم دلع
منذ زمن ليس بالبعيد لم نكن نسمع بما يطلق عليه الآن "اسم دلع" .. فعلى سبيل المثال لم نكن نسمع الأم تنادي توتو قاصدةً بذلك ابنها طارق .. ولم نكن نسمع الأب والأصدقاء والأقارب ينادون على بسام "بوبو" وغيره وغيرهم .. ويبقى معه اسم دلعه حتى يصبح أبًا وربّ أسرة وصاحب عمل ..
لم أستخدم الأسلوب العلمي أو أجري دراسة مسحية أو بحث ميداني لتتبع زمن بداية اسم الدلع .. أو الأسباب التي جعلتنا نستخدم هذا الأسلوب في مناداة الآخرين .. فلا أعرف علميًا إن كان من باب التحبب لهم .. أو أن اسماءهم الحقيقية ليست جميلة من وجهة نظر البعض .. أو للتسهيل على أنفسنا لصعوبة نطق الاسم .. أو اختصارًا للوقت فأن تنادي شوشو تأخذ معك وقتًا أقل من أن تنادي راشد ..
لكن يبدو أننا لم نكتفِ بهذا الحد من دلع الأسماء أو نتوقف عنده .. بل مارسناه على أمور اخرى.. خذ على سبيل المثال التحية التي اختصرناها .. فعوضًا عن أن تسلم على غيرك بصباح الخير اكتفينا "بصباحو" ..
وبدل السلام عليكم "سلام" ..
ثم انتقلت العدوى لمراسلاتنا ودردشاتنا فاكتفينا بقول "كيفو" عوضًا عن كيف الحال .. وغيرها من الاختصارات وأسماء الدلع للكثير من الكلمات التي يعرفها جيدًا رواد ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي .. ومن ثم انتشرت عدوى الدلع وتعممت في المحادثات المباشرة بين الناس ..
والمصيبة أن الأمر لم يتوقف عند اختصار أو تدليع الأسماء والكلمات بل تغيرت مفاهيمها ومعانيها .. وفي أحيان كثيرة عكست ضد المقصود منها .. فتعمم الدلع واسمه وأصبح أسلوبًا ونظام حياة عند كل من الأطفال والكبار .. واستفحل في كثير من الأمور والمواضيع المهمة والحساسة كالمفاهيم والمعادلات والمخططات والترتيبات .. وحتى المبادىء والقيم ..
وكذلك الأخلاق التي لم تسلم أبدًا من أن تقع تحت مظلة اسم الدلع .. فكان لها معه حديث طويل ذو شجن ..
فأصبح أن تحتال على أحدهم يسمى في لغة الدلع .. "فهلوة" ..
وأن تتعدى وتتنمر على غيرك وعلى حقوقه وعلى خصوصيته .. "قوة شخصية" ..
وأن تقلل من شأن غيرك فلا تحترمه سواء كان لوحده أو ضمن مجموعة .. "ذكاء اجتماعي" ..
وأن تسرق جهد غيرك وتعبه وتنسبه لنفسك .. "شطارة" ..
وأن تتحدث مع غيرك فتذكر له بطريقة مبطنة عيب ما أو نقص معين عنده وأنت تضحك .. "خفة دم، أو خفة ظل" ..
وغيرها الكثير الكثير .. فاستسهلنا الفكرة واعتدناها وتعلمنا أن لا نعطي للأشياء اسماءها الحقيقية .. وأطلقنا عليها مسميات جديدة لا تصف طبيعتها ولا تدل عليها ولا تخبر عنها .. بل في أحيان كثيرة تنقل صورة معاكسة للغاية منها .. وأصبح استخدمنا للدلع واسمه ساترا يخفي وراءه مشاعرنا وأعمالنا غير البريئة ..
وأيًا كانت أسباب استخدامنا لأسماء الدلع فلقد عقمت لغتنا وضاقت مقاصدها وضاعت محاسنها .. وشوهت أسمائنا ومعانيها .. ومسخت أخلاقنا ومغازيها ..
اسم دلع
منذ زمن ليس بالبعيد لم نكن نسمع بما يطلق عليه الآن "اسم دلع" .. فعلى سبيل المثال لم نكن نسمع الأم تنادي توتو قاصدةً بذلك ابنها طارق .. ولم نكن نسمع الأب والأصدقاء والأقارب ينادون على بسام "بوبو" وغيره وغيرهم .. ويبقى معه اسم دلعه حتى يصبح أبًا وربّ أسرة وصاحب عمل ..
لم أستخدم الأسلوب العلمي أو أجري دراسة مسحية أو بحث ميداني لتتبع زمن بداية اسم الدلع .. أو الأسباب التي جعلتنا نستخدم هذا الأسلوب في مناداة الآخرين .. فلا أعرف علميًا إن كان من باب التحبب لهم .. أو أن اسماءهم الحقيقية ليست جميلة من وجهة نظر البعض .. أو للتسهيل على أنفسنا لصعوبة نطق الاسم .. أو اختصارًا للوقت فأن تنادي شوشو تأخذ معك وقتًا أقل من أن تنادي راشد ..
لكن يبدو أننا لم نكتفِ بهذا الحد من دلع الأسماء أو نتوقف عنده .. بل مارسناه على أمور اخرى.. خذ على سبيل المثال التحية التي اختصرناها .. فعوضًا عن أن تسلم على غيرك بصباح الخير اكتفينا "بصباحو" ..
وبدل السلام عليكم "سلام" ..
ثم انتقلت العدوى لمراسلاتنا ودردشاتنا فاكتفينا بقول "كيفو" عوضًا عن كيف الحال .. وغيرها من الاختصارات وأسماء الدلع للكثير من الكلمات التي يعرفها جيدًا رواد ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي .. ومن ثم انتشرت عدوى الدلع وتعممت في المحادثات المباشرة بين الناس ..
والمصيبة أن الأمر لم يتوقف عند اختصار أو تدليع الأسماء والكلمات بل تغيرت مفاهيمها ومعانيها .. وفي أحيان كثيرة عكست ضد المقصود منها .. فتعمم الدلع واسمه وأصبح أسلوبًا ونظام حياة عند كل من الأطفال والكبار .. واستفحل في كثير من الأمور والمواضيع المهمة والحساسة كالمفاهيم والمعادلات والمخططات والترتيبات .. وحتى المبادىء والقيم ..
وكذلك الأخلاق التي لم تسلم أبدًا من أن تقع تحت مظلة اسم الدلع .. فكان لها معه حديث طويل ذو شجن ..
فأصبح أن تحتال على أحدهم يسمى في لغة الدلع .. "فهلوة" ..
وأن تتعدى وتتنمر على غيرك وعلى حقوقه وعلى خصوصيته .. "قوة شخصية" ..
وأن تقلل من شأن غيرك فلا تحترمه سواء كان لوحده أو ضمن مجموعة .. "ذكاء اجتماعي" ..
وأن تسرق جهد غيرك وتعبه وتنسبه لنفسك .. "شطارة" ..
وأن تتحدث مع غيرك فتذكر له بطريقة مبطنة عيب ما أو نقص معين عنده وأنت تضحك .. "خفة دم، أو خفة ظل" ..
وغيرها الكثير الكثير .. فاستسهلنا الفكرة واعتدناها وتعلمنا أن لا نعطي للأشياء اسماءها الحقيقية .. وأطلقنا عليها مسميات جديدة لا تصف طبيعتها ولا تدل عليها ولا تخبر عنها .. بل في أحيان كثيرة تنقل صورة معاكسة للغاية منها .. وأصبح استخدمنا للدلع واسمه ساترا يخفي وراءه مشاعرنا وأعمالنا غير البريئة ..
وأيًا كانت أسباب استخدامنا لأسماء الدلع فلقد عقمت لغتنا وضاقت مقاصدها وضاعت محاسنها .. وشوهت أسمائنا ومعانيها .. ومسخت أخلاقنا ومغازيها ..
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات