مراهقة سياسية بقلم :علي فواز العدوان



تتعدد أوجه المراهقة؛ فمنها ما يأخذ صورة مغايرة للمراهقة المقترنة في التشكل البيولوجي عند الشباب ،ومراحل التحول العمري من الطفولة ،إلى سن الرجولة او ما يقترن بالفحولة الى المراهقة الفكرية والسياسية، و تتشكل وفقاً للأفراد، والبيئات، والمؤثرات، والطموحات ،و منها العقلاني ، والمراهقات الفكرية والسياسية تمتد إلى فترات زمنية تتعدى المتوقع، وبعضها يواصل الامتداد إلى فترات ترافق الفرد المعني إلى مراحل متقدمة من العمر.
وأكثر صور المراهقة السياسية المنتشرة في أوساط قيادية هي صور معاد إنتاجها من المراهقات الشبابية البيولوجية في سن البلوغ ، حين يظن الفرد أنه مركز الكون، وأن العالم بانتظاره ولن يستطيع أن يسير إلى الأمام من دون العبقرية القيادية والنظريات الجديدة التي سيضيفها هذا الفرد إلى إنجازاته السياسية .
ويكشف علم النفس أن تلك المراحل البيولوجية لابد أن تأخذ شوطا كاملاً، ثم تبدأ بالهبوط التدريجي إلى أن تنتهي المرحلة العمرية التالية إلى مستوى ما ، من مستويات النضج وقد تمتد مراحل المراهقة السياسية والفكرية عند بعض القادة إلى ما لا نهاية.
ويعلق الفكر الماركسي بتوصيف المراهقة السياسية ب(المصطلح الماركسى "اليسارالطفولى") وهذه الظاهرة تصيب النشاط السياسي لشخصيات سياسية تتبنى مذاهب سياسيه "إيديولوجية" متباينة، وغير مقصورة على شخصيات سياسيه تتبنى مذهب سياسي معين ، واستخدمه لينين لوصف وقوع بعض اليساريين"الماركسيين" في الاستهتار بالحسابات الدقيقة لموازين القوى ،والعوامل المؤثرة في البيئة العامة، باعتمادهم على الحماسة الذاتية المفرطة كمواجهة للعمل الثوري والنضال من أجل التغيير.
وترجع هذه الظاهرة إلى أسباب عديدة،أهمها انعدام أو ضعف الخبرة السياسية وضعف الوعي السياسي والثقافة السياسية، وشيوع أنماط التفكير غير الواقعي والاسطورى ،وتضخيم الذات ،وشيوع النزعة الفردية "الأنانية" عند قطاع غالب من المثقفين والمتعلمين نتيجة لعوامل متعددة.
وتلعب المراهقة السياسية دور بارزا لتعطيل الإرادة الشعبية وإجهاض مظاهرها من ثورات ونظم ديمقراطيه ناشئه، ولا تخدم إلا القوى"الداخلية أو الخارجية" التي تسعى إلى تعطيل آو حتى إلغاء هذه الإرادة الشعبية حيث تقوم هذه القوى بتوظيفها بالتحكم بها بصوره مباشرة أو غير مباشرة من خلال إدراكها أن هذه الظاهرة تحيل النشاط السياسي إلى سلسلة متعاقبة من ردود الأفعال الذاتية و العاطفية، بدلا من أن يكون مجموعه من الأفعال الموضوعية و العقلانية ، ومن الامثله على توظيف ظاهرة المراهقة السياسية ، بالتحكم بها وتوجيهها نحو إحداث فوضى أو عنف، بهدف تفكيك الدولة أو لتبرير فرض نظام استبدادي أو استخدام القوه.
أما آليات الحد من ظاهرة المراهقة السياسية فتشمل ضرورة تعبير الإرادة الشعبية عن رفضها القاطع للظاهرة ومظاهرها المختلفة و تنبيه المثقفين إلى خطورة هذه الظاهرة كجزء من دورهم النقدي وليس تبريرها لخدمه أهداف شخصية .
و لا بد من ضرورة الوعي بان النضج السياسي لا يتحقق بالامتداد التلقائي للظروف بل بالتزام بشروطه، كعدم التسرع في إصدار الأحكام والقرارات، والالتزام بالعمل الجماعي، واستشاره ذوى الخبرة ، والاعتراف بالأخطاء والمسارعة إلى تصحيحها ووضع ضوابط للنشاط السياسي ، بحيث تكون الامور محل توافق بين جميع أو اغلب مكونات المجتمع بمحاربة أنماط التفكير الخرافي والاسطورى والبدعى، والالتزام بأنماط التفكير العلمي والعقلاني والاجتهادي ،والعمل على ترقية الوعي العام السياسي والثقافي والديني ،والجمع بين معياري التمثيل و المباشرة ، وذلك بالأخذ بالديموقراطية المباشرة في الوحدات السياسية الصغيرة ؛ كمجالس البلديات والأخذ بالديموقراطية غير المباشرة النيابية في الوحدات السياسية الكبيرة "كالبرلمان " والأخذ بالتطبيقات السياسية المعاصرة للديموقراطية المباشرة، التي يمكن تطبيقها في الوحدات السياسية الكبيرة ،كالاستفتاء الشعبي حول القضايا التي تمس السلم والامن الوطني .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :