الريموت بقلم: سهير جرادات




لم يبق وقت حتى يبدأ عرض البرنامج الذي اتابعه على جهاز التلفزيون ، اسرعت لأخذ موقع استراتيجي وجهزت فنجان القهوة دون سكر ، وبعد أن تمركزت صدمت بأن "الريموت" غير موجود ، وبدأت رحلة البحث عن "الريموت"، أو ما يعرف بجهاز التحكم عن بعد .

وبعد أن فقدت الأمل في العثور على "الريموت " في المنزل ، سارعت في البحث عن " الريموت " خارج المنزل ، وذهبت إلى أقرب نقطة على الدوار الرابع اعتقادا مني أن " الريموت " لديهم ، وما أن وصلت حتى بادرت بسؤال المسؤول في الرابع عن توفر " ريموت " لديه ، ليفاجئني بنظرة غريبة ، واجابني باستهجان : "ريموت" !! عن أي "ريموت " تتحدثين ؟!! منذ زمن لم نعد نمتلك "الريموت" ، إنما نحن أحد اللواقط " الستلايت " التي تتلقى الإشارات، و التحكم بنا يكون عن بعد ، بعد أن سلمنا " الريموت " فلم يعد التحكم والسيطرة من اختصاصنا ، وأصبح التحكم بنا من خلال الريموتات ( جمع ريموت ) ، حيث يتم تشكيلنا وتغييرنا وترويحنا من خلال أحد هذه "الريموتات" ..

واصلت المسير تجاه العبدلي ، حسب معلوماتي القديمة بأن هناك مكانا مختصا ب " الريموت " ، وما أن وصلت سألت "كبير القعدة " عن "الريموت" ، ضحك وقال ، أكيد انت غلطانة ، نحن منذ ثلاثين عاما لم نعد نمتلك "الريموت" ، بعد أن " أضعناه " أو بالأحرى سلمناه تسليم باليد لغيرنا ، وأصبح بيدهم جهاز التحكم عن بعد، أو ما يعرف ب " الريموت " ، يرسلون الإشارات والمعلومات والأوامر والتعليمات التي يريدون منا تنفيذها ، مستخدمين عدة طرق لهذه الغاية، المهم في النهاية تنفيذ ما يصبون اليه ، ونحن – الغالبية العظمى - ما لنا إلا أن ننفذ .

بعد صفنة صغيرة ، تابعت مسيري نحو مجمع رغدان القديم ، لاعتقادي جازمة أني سأجد " الريموت " هناك ، وبعد عملية بحث بسيطة وجدت هناك " ريموت " وبحالة جيدة ، ويصدر إشارات قوية ، وتتوفر لدية قدرة على التحكم عن بعد بصورة فائقة ، مع وجود بعض شارات (التشويش ) التي تصدر بصورة معاكسة في بعض الأحيان.

ومن باب الفضول ، استفسرت عن مصدر (التشويش) ، وعلمت أنه صادر من شارع الشعب ، فسارعت بالتوجه إليه لعلي أحصل على " ريموت " يمكنني من حضور جزء من البرنامج الذي بدأ عرضه على الشاشة ، وما أن وصلت هناك حتى تفاجأت بوجود " عدة ريموتات " ، وحسب ما فهمت أن عددها ثلاثة ، وكل "ريموت " لا يتوافق مع الآخر، ويشوشون على بعضم ، وبعضها يتوافق مع ريموت مجمع رغدان ، وبعضها يعمل جيدا بالتحكم في الرابع ، والأكثر نجاعة التحكم بالعبدلي دونما منازع .

وما أن استسلمت ، لفكرة أن هناك أكثر من " ريموت " ، وأن كل واحد منها تابع لجهة معينة ، وتعمل لصالحها ، لاكتشف أن الوقت يداهمني ، وأن البرنامج الذي اتابعه قد بدأ العرض ، وتملكني شعور بالقلق من عدم قدرتي على حضور ولو جزء من البرنامج ، وفي محاولة أخيرة حاولت أن أبحث عن جهاز " الريسيفر" ، لعل العطل منه ، في عدم القدرة على استقبال الإشارة الصادرة من " الريموت ".

اكتشفت أن هناك عدة " ريسيفرات " ، منها الداخلي ومنها الموجود في الخارج، ويصدر إشاراته للداخل ، في محاولة منه لفرض سيطرته على القنوات الداخلية ، وبدأ القلق يراودني في القدرة على فك شيفرة الإشارة الصادرة من " السيرفر " الخارجي ، ووقف تحكمه عن بعد ، والخلاص من المستخدمين غير الشرعيين..

وفِي نهاية رحلة البحث عّن " الريموت " خلصت الى أن هناك أكثر من" ريموت " في الوقت ذاته، كما ويوجد هناك أكثر من " سيرفر " منها الداخلي ، ومنها الخارجي الخبيث ، الأمر الذي يستدعي تكاثف الجهود للقضاء عليه ، والعودة الى ما كنّاعليه (على الأقل ) نعتمد على "السيرفر" الداخلي ، لأنه بالتأكيد ( مهما حصل ) سيكون رحيما علينا ، لأن الهدف والغاية والبرنامج الذي نأمل أن مشاهدة واحد .

Jaradat63@yahoo.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمانيات الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :