عمانيات - مدارس خاصة تحجب منصاتها عن الطلبة ما لم تبادر أسرهم الى دفع اقساطهم المدرسية
(بترا) بشرى نيروخ-
في مسعى يحوّل التعليم الى سلعة، ابتكرت مدارس خاصة طريقة للعقاب الجماعي للطلبة، عبر حجب منصاتها التعليمية عنهم، ما لم تبادر أسرهم الى دفع اقساطهم المدرسية، وسط ظروف غير مسبوقة عالميا تفرضها جائحة كورونا .
ويصف عدد من اولياء الامور الجور الذي يقع على ابنائهم وبناتهم، الذين تلقي هذه الاجراءات في روعهم قناعة بأن المال هو كل شيء، في تناقض صارخ مع القيم الانسانية لثنائية التربية والتعليم.
فالصحة النفسية للطلبة، على ما يقول هؤلاء، هي المستهدف الاول من هذه الممارسة الوحشية، التي يرفضها القانون والقيم الاجتماعية العامة؛ فيما لجأت هذه المدارس الى تسريح عدد من المرشدين التربويين والنفسيين العاملين لديها، بصفتهم فائضا عن الحاجة في ظل التعليم الإلكتروني الذي أملته الجائحة.
"راما غانم" إحدى الأمهات اللواتي يبذلن جهدا إضافيا في التعليم عن بعد، تؤكد أن تسريح المرشدين يعمّق أزمة التعليم ويفاقمها، خصوصا في بيئة التعليم الالكتروني غير المسبوق بتبعاته وانعكاساته الخطيرة على النشء.
وتشدد على أن التعليم عن بعد يستدعي قيام المرشد التربوي بدوره في هذه البيئة الجديدة، وليس فصله، معتبرة أن تسريح هؤلاء المتخصصين يعبر عن عدم قناعة هذه المدارس بدورهم أصلا، فضلا عن تحول التعليم في هذه الحالة الى سلعة وتجارة غير انسانية.
ويشكو "ظاهر اليوسف" مر الشكوى، بعدما أن قامت مدرسة ابنائه بتعطيل تعليمهم نحو شهر ونصف الشهر، وحرمتهم من امتحاناتهم نتيجة عدم سداده للرسوم المدرسية، موضحا أنه لجأ إلى إدارة التعليم الخاص شاكيا.
وقال، ان شكواه دفعت المدرسة الى مساومته بتوقيع كمبيالة مالية بقيمة أقساط ابنائه، لافتا إلى قلة عدد الكادر التعليمي وعدم وجود مرشدين تربويين يساهمون في التخفيف من الارتباك والأرق الذي أصاب أبناءه في ظل حرمانهم من التعليم .
وكانت وزارة التربية والتعليم أعلنت في وقت سابق اتخاذها 48 عقوبة بحق مؤسسات تعليمية خاصة مخالفة منذ بداية العام الدراسي الحالي، استنادا إلى نص الفقرتين ( أ ) و ( ب ) من المادة 39 من قانون التربية والتعليم رقم ( 3 ) لسنة 1994 وتعديلاته، وأوامر الدفاع ذات العلاقة، مبينة ان المخالفات توزعت بين الإنذار وإلغاء الترخيص، والغرامات المالية بقيمة 3000 دينار، والتحويل إلى المحكمة المختصة.
وبحسب الوزارة فإن المخالفات تمثلت بحجب المنصات التعليمية عن الطلبة، وحجز ملفاتهم لأسباب مالية، ومخالفة البروتوكول الصحي وشروط السلامة العامة، وأسس قبول وانتقال الطلبة وعدم تجديد الرخص السنوية.
المرشد التربوي فائض عن الحاجة
المرشدة التربوية نهيل بركة، قالت ان المدرسة الخاصة التي كانت تعمل بها أنهت خدماتها، وقامت بتسريح أخريات ووضعت مرشدة تربوية واحدة هي أقلهنّ راتبا.
وطالبت بركة بإيجاد عقود خاصة للمرشدين ضمن عقود المعلمين وليس الإداريين، ذلك أنه يتم اعتبارهم من الإداريين، بينما عملهم هو التعليم وتحفيز الطلبة على التعلم وحل مشكلاتهم، بيد أن بعض المدارس حصرت مهامهم في تسجيل الحضور والغياب، وإعلام الإدارة إذا ما كان هنالك ضرورة للتواصل مع أحد أولياء الأمور. مشيرة الى ان هناك العديد من المدارس لا توظف معلما للإرشاد التربوي.
وكان مسح جديد أجرته منظمة الصحة العالمية أخيرا، كشف عن أن جائحة كوفيد-19 عطلت خدمات الصحة النفسية الحاسمة الأهمية أو أوقفتها في 93 بالمئة من البلدان حول العالم، في وقت يتزايد فيه الطلب على تلك الخدمات.
وأفاد المسح بأن ثلاثة أرباع البلدان تقريباً تعطّلت فيها خدمات الصحة النفسية في المدارس وأماكن العمل جزئياً على الأقل وبنسبة 78 بالمئة.
وأشارت المنظمة الى أن الجائحة تتسبب في زيادة الطلب على خدمات الصحة النفسية، فالفقد والعزلة وخسارة مصدر الدخل والشعور بالخوف جميعها مسببات للإصابة بحالات نفسية أو تفاقمها، وقد يعاني الناس من الأرق والقلق، كما أن جائحة كوفيد-19 بحد ذاتها قد تؤدي لمضاعفات عصبية ونفسية، داعية إلى الاستثمار في برامج الصحة النفسية المنقذة للأرواح سواء أثناء اندلاع الجائحة أم بعدها.
التعليم قيمة تتناقض مع المفهوم التجاري
عضو لجنة التعليم عن بعد في وزارة التربية والتعليم الدكتور ذوقان عبيدات، قال إنه على الرغم من التزام عدد من المدارس الخاصة بالتعليمات، إلا أنّ البعض الآخر تجاوز القانون، وأعاق دخول الطلبة إلى المنصات التعليمية، مشيرا إلى أنّ تربط لجوءها الى هذا العقاب بعدم دفع اقساط الطلبة.
على ان عبيدات يلفت الى ان بعض الأهالي قد يمرّون بظروف اقتصادية لا تمكنهم من دفع السداد، مشيرا الى أنّ المدارس قد لا تلجأ إلى المحكمة حال عدم تسديد الأقساط من قبل الأهالي، ذلك أنّ مرحلة التقاضي لمثل هذه الدعاوى قد تستغرق سنوات، فتلجأ إلى القرار الأسرع من خلال معاقبة الطلبة بحجب المنصات عنهم.
وشدد عبيدات على انه يجب تجنيب الطالب او تعريضه للاستبداد وممارسة الضغوطات عليه، وهذا أمر لا يجب السكوت عليه، فالتنمر يؤثر على مستقبل الطالب ويجعله في حيرة وقلق، اذ ان الأطفال ليسوا مسؤولين عن رسومهم.
وقال، على الرغم من عدم قيام عدد من المدارس بفصل معلميها، إلا أن البعض الآخر قام بهذا، ما يعني أن ما تبقّى من العاملين لديها يقومون بجهود مضاعفة تزيد على ثلاثة أو أربعة معلمين، ما يتسبب يإرهاقهم والضغط عليهم، وبالتالي التأثير على انتاجيتهم وعلى تفاعل الطلبة.
وأشار إلى أنّ قانون الدفاع يساعد المدارس الضعيفة ويدعمها ماديّا، ولا يوجد مبرر لإنهاء خدمات المعلمين، فهذا للأسف تنمر آخر يقع فيه عدد من المدارس الخاصة.
كورونا تكشف عورات التعليم
عضو مجلس الأمناء في المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور ابراهيم البدور أشار إلى أن أزمة كورونا كشفت عورات في قطاع التعليم على مستوى التدريس والمنصات والحفاظ على المعلمين، فيما أرخت الأزمة بظلالها على التعليم كما كل القطاعات الأخرى.
وقال البدور وهو رئيس لجنة التربية والصحة في المركز، إن هناك ضغوطات على المدارس الخاصة ماليا واقتصاديا، فكان أوّل ضحاياها المرشدين التربويين، إذ عمدت الى تسريحهم بحجج مالية، الامر الذي ينعكس سلبا على الطلبة.
وأوضح أن التعليم عن بعد حرم نسبة كبيرة من الطلبة من حقهم في التعلم، وأدّى إلى تشكل اجواء "فوقويّة" وكذلك التفريق بين الطلبة، اذ أنّ طلبة المدارس الخاصة منصات تفاعلية خاصة، مبينا أن خسائر المدارس الخاصة في ظل الأزمة لا تتجاوز 20 المئة.
واضاف، ان لجوء المدارس إلى تعطيل التعلّم عن بعد للطلبة نتيجة عدم سداد الأقساط المدرسية، هو طريقة للضغط على الأهالي، مشيرا إلى أنه إذا لم تتم السيطرة وإيجاد حلول وسطية لحل هذه المشاكل فإن الأمر قد يتطوّر مستقبلا، ما يؤثرعلى الطالب من خلال منعه من أداء الامتحانات أو عدم إعطائه الشهادة.
ويشير الى أن ما يزيد الامر خطورة، هو أن 28 بالمئة من الطلبة مسجلون في المدارس الخاصة، أي بحدود 700 ألف طالب وطالبة، من أصل مليون و800 ألف في المدارس الاردنية، فضلا عن أن 45 ألف معلم ومعلمة يعملون في القطاع الخاص.
آثار نفسية وتعليمية يتكبّدها الطلبة نتيجة غياب مرشديهم
أستاذ الإرشاد النفسي والتربوي في كلية العلوم التربوية بالجامعة الهاشمية الدكتور نادر الزيود، يرى أنّ قيام بعض المدارس الخاصة بإنهاء خدمات المرشدين التربويين والنفسيين سيكون له آثار سلبية على الصحة النفسية للطلبة في ظل تعليمهم عن بعد، بصورة أكبر مما هي عليه في التعليم الوجاهي، ذلك أنّهم حلقة وصل بين المعلم والطالب.
وبيّن أن المرشد يعد أحد أعضاء الهيئة التدريسيّة في المدرسة، ولا يجوز التقليل من أهمية عمله، فهو يعمل رديفا للطاقمين الإداري والتدريسي، ويقوم بتعزيز المهارات لدى الطّلبة وبما يمكّنهم من فهم المواد التدريسية، وتهيئتهم للتفاعل داخل المنصات التعليمية بشكل أفضل، ويقدّم الدعم اللازم للطلبة في ظل انخفاض دافعيتهم للتعلّم عبر التعليم عن بعد.
وأشار إلى أنه لا يجوز إيقاف التعليم عن الطفل سواء في المنصات التعليمية أو في التعليم الوجاهي، لأن ذلك يؤثر على نفسيته وتقبّله للتعلّم، والأصل أن القانون يمنع الحرمان التعليمي للطالب، فالتعليم حق للجميع والقانون يمنع حرمان الطالب من التعليم، لما له من آثار نفسيه سيئة عليه.
وفي الوقت ذاته يؤكد الزيود أنّ تخفيض أجور العاملين يؤثّر على انتاجيتهم، ذلك أنه في بعض المدارس يتم وضع شروط في العقد تتضمن احتمالية تخفيض الراتب من 10 إلى 30 بالمئة، عدا عن كثرة الأعباء المادية التي يتحملها المعلمون من توفير انترنت وأجهزة تُعينهم في عملهم عن بعد، والأدهى من ذلك أن هذه المدارس قامت ببيع أجهزة الكمبيوتر للمعلمين بالأقساط بدلا من توفيرها لهم لضمان استمرارية خدماتها التعليمية.
متاعب مالية للمدارس الخاصة
أخصائي علم النفس مالك الشامي، لفت الى متاعب ومعاناة أصحاب المدارس الخاصة، "فهم يحتاجون إلى مصدر دخل، إذ صنّفتهم الحكومة بأنهم من أكثر القطاعات تضرّرا، لكن هذا لا يعني التأثير على الطلبة سلبا في تحصيل الأقساط المدرسية".
وأشار إلى أن إغلاق المنصات أمام بعض الطلبة نتيجة عدم تسديد الرسوم يُشعرهم بالضعف والدونية وتمييزهم عن الآخرين بسبب الوضع المالي المتدني الذي يمر به أهاليهم، وبالتالي فإن هذا الشعور يتسبب بتقليل دافعيتهم للدراسة، والتهرب من متابعة التعليم، اذ هناك كثير من التبعات الخطيرة لذلك.
واضاف، ان غياب المرشد التربوي، يؤثر على دافعية الطلبة على التعليم، وينعكس على قدراتهم ومهاراتهم الدراسية، كما يؤثرعلى تفاعلهم مع المعلم بشكل سلبي وظهور مشكلات إضافية مع أسرهم وزملائهم، وفقدانهم لمهارات التواصل الاجتماعي وعدم القدرة على حلها، فتراكم تلك المشكلات من الممكن أن تؤدي لمرض نفسي.
القانون يخالف حرمان الطلبة من المنصات التعليمية
المتخصص في القضايا التعليمية المحامي عمر الطويل، أوضح أن إغلاق المنصات التعليمية أمام الطلبة هو إجراء غير قانوني، مبينا أنه قام بإرجاع نحو16 طالبا إلى مدارسهم ومنصاتهم التعليمية.
وبيّن أن الإجراء الصحيح في حال تجاوز المدارس للقانون هو الشكوى لإدارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم، فأي مخالفة تحدث هي من مسؤولية الوزارة، مشيرا إلى أن الفقرة الثالثة من المادة السادسة للدستور الأردني، أشارت إلى أنه "تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين"، كما أنه لأوّل مرّة في تاريخ الأمة العربية يتم كتابة فلسفة التعليم في كتب القانون والفقه ولا يجوز الحياد عنه.
وأوضح أن الذين لم يطالبوا بحقوقهم يكون نتيجة جهلهم بالقانون، وهذا مردّه ضعف المناهج في التركيز على القوانين، وكيفية قراءتها.
وأضاف، إن الربط بين المال والتعليم هو"مقتل"، بحسب تعبيره، فالأصل في الأمور أنّ المدارس هي مرفق عام وأن يكون مجانيا، ذلك أن قانون التربية والتعليم الأردني من أنظم وأجدر ما كُتب في التعليم على مستوى الوطن العربي، ومما ورد فيه أنّ "التعليم والمال منفصلان بشكل واضح"، فالذي يحدث هو نتيجة عدم وضوح الرؤية لدى أطراف المعادلة، ما يؤدي إلى الوقوع في كثير من الإشكاليات.
ودعا كل الأطراف إلأى التوافق، ومشاركة الخسائر لا الربح، والعمل على إيجاد حلول لتمويل المدرسة، من خلال قنوات أخرى، مثل تخفيض ضريبة الدخل البالغة 20 بالمئة وصولا الى إلغائها، مشيرا إلى أن عدم الوضوح والمشاركة بين أطراف المعادلة كاملة سيؤدي إلى وضع الجميع في محاولة للبقاء تجاريا دون النظر إلى المصالح العامة المجتمعية، وبالتالي كان الأجدر أن يتم الجلوس على طاولة واضحة للوصول إلى مشاركة التشريع مع الجميع.
وسائل ضغط على المعلمين تؤثر على انتاجيتهم
الناطق الإعلامي في وزارة العمل محمد الزيود، أكد أنه يمنع تسريح أي عامل مخالف لأوامر الدفاع، ويتم مخالفة المدرسة التي تتجاوز هذا الموضوع.
وأشار إلى أنه في الوضع الطبيعي فإن المدارس الخاصة تتعامل معنا بعقود موحّدة، ما بين نقابة أصحاب المدارس ونقابة المعلمين وما بين الوزارة، وما واجهناه هو استمرار الانتهاكات التي كانت موجودة قبل كورونا، وكانت تتمثل بالحد الأدنى من الأجور، إضافة إلى استخدامها طرقا للتحايل على القانون بتوقيع عقود وكمبيالات أو شيكّات كوسيلة للضغط المباشر، وقد تم ضبط مدرستين ألزمت واحدة منهما أكثر من 950 عاملا على توقيع الكمبيالات، وقد قمنا باتخاذ الإجراءات المناسبة وإعادت هذه الكمبيالات إلى أصحابها.
وأضاف، كانت هناك انتهاكات أخرى كالفصل التعسفي أو إنهاء العقود بدون أي مبرر، وعدم تجديدها، وقد تلقينا نحو 1500 شكوى خلال فترة كورونا على المدارس الخاصة، وكانت في أغلبها تدور حول عدم تجديد العقود، ذلك أن أوامر الدفاع أجبرت أصحاب المدارس على تجديد العقود إذا كان العامل أو المعلّم جدّد ثلاثة عقود متتالية، وبالتالي يمنع تسريحه من العمل وعلى المدرسة تجديد العقد بشكل تلقائي، فيما الوزارة قامت بإرجاع نحو 2500 معلم إلى مدارسهم.
وأشار الزيود الى أن 70 بالمئة من مشاكل المدارس تكمن في أنها لا ترتبط بالمعلمين، بقدر ما كانت تتعلّق بأمورالنقل، إذ اكتشفنا أن الذي ينقل الطلاب ليست باصات المدرسة وإنما تعود لمتعهّد بالنقل، وجاءتنا شكاوى كثيرة حول هذا الموضوع، عدا عن الشكاوى المقدّمة من نقابة المعلمين والبالغة نحو ألف شكوى ومن حملة "قم للمعلم" اللتين تعاونّا معهما في حل الكثير من الشكاوى إضافة إلى منصة "حماية" الخاصة بالوزارة والتي نستقبل من خلالها الشكاوى على مدار الساعة.
وفي الوقت الذي تقدّم فيه الحكومة الدعم للمدارس المتضررة من كورونا، يشير الناطــق الإعلامـي باسم المؤسســة العامة للضمان الاجتماعي شامان المجالي، إلى أن حصول المدارس الخاصة الإعدادية والثانوية على الدعم، من خلال برنامج استدامة الذي أطلقته المؤسسة أخيرا، يستدعي أن تثبت تضررها بالجائحة.
أما المدارس الابتدائية ورياض الأطفال فإنها تعتبر من المنشآت الأكثر تضررا في الجائحة وسيصرف للعاملين في تلك المنشآت 75 بالمئة من أجورهم، حيث أن 50 بالمئة منها يتحملها البرنامج و 50 بالمئة المتبقية يدفعها صاحب العمل.
انتهاك الحقوق نتيجة ضعف الرقابة
مستشار القضايا العمالية المحامي حمادة أبونجمة بين أن قيام عدد من المدارس الخاصة بفصل المعلمين، وبالتالي زيادة الأعباء على أقرانهم في المدرسة، يشكل مخالفة قانونية، وانتهاكا للحقوق العمالية.
وبين أبو نجمة وهو عضو لجنة الخبراء في منظمة العمل العربية، أن أوامر الدفاع تحظر إنهاء خدمات العاملين تحت طائلة العقوبة القانونية، وليس هناك ما يبرر إنهاء خدماتهم في مثل هذا الظرف، ذلك إن الكلف التشغيلية للمدارس انخفضت، مبينا في الوقت ذاته أنّ أمر الدفاع رقم 6 نص على أنه "يعاقب من يخالف أي حكم آخر من أحكام أمر الدفاع هذا والبلاغات الصادرة عن رئيس الوزراء أو الوزراء المكلفين بمقتضاه بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة ثلاثة آلاف دينار".
وأوضح أن المرشدين التربويين في علم التعليم عن بعد، هم من أكثر الناس أهمية في العملية التعليمية في ظل انقطاع حضور الطلبة للمدارس وما يرافق ذلك من شعور بالقلق أو الأرق لدى بعض الطلبة، في حين يسهم المرشدون التربويون في تجاوز هذه المعاناة التي قد تصيبهم.
وأشار ابو نجمة إلى أن التعليم عن بعد قد يتسبب في انتهاك حقوق العاملين بخاصة في مجال التعليم، وتحمّلهم للضغوطات الملقاة على عاتقهم من إعداد فيديوهات وتحضير الدروس المطلوبة، والتواصل مع الطلبة وأولياء أمورهم عبر هاتفهم الخلوي، إذ تمتد ساعات العمل على هذا النحو إلى أكثر من 15 ساعة في اليوم الواحد، فهم يعملون أضعاف ساعاتهم المعتمدة للعمل، ما يؤثر على انتاجيتهم وتفاعلهم مع الطلبة.
وقال، في ظل ضعف الرقابة، فإن ذلك يؤثر على جودة التعليم، فالمدارس الملتزمة بالتعليمات والقوانين عددها محدود، بيد أن عددا من المدارس تلجأ إلى استغلال الوضع بهدف زيادة أرباحها فتخفض من حجم مصروفاتها وكلفها التشغيلية ومن أعداد معلميها، بما يتسبب في زيادة الأعباء على المعلم الواحد.
وبين أن ما تقوم به بعض المدارس من تحصيل للرسوم من الأهالي، في وقت تعمل على تخفيض الكلف وتقليص الخدمات التعليمية وجودتها بشكل خاص من خلال انهاء خدمات المعلمين، هو نوع من الاستغلال، سيما وأن العديد من المدارس ربحت في هذا الظرف بشكل أكبر مما عليه في الظروف الأخرى، نتيجة انخفاض الكلف التشغيلية بسبب التحول الى التعليم عن بعد، مؤكدا أن القانون يوجب على صاحب العمل أن يوفر الأدوات والكلف اللازمة للعامل أو المعلم لأداء عمله عن بعد، لتقديم خدماته بالشكل المناسب.
مطالبات بإيجاد تقارير قياسية لجودة التعليم عن بعد
وطالب مسؤول حملة زودتوها بشار حداد بقياس جودة التعليم عن بعد، وإظهار التقارير الخاصة بذلك الأمر، سيما وأن عددا من المدارس تقوم بتقليص أعداد المعلمين وإشراك الطلبة في مجموعات صفية في آن واحد تتضمن 70 طالبا يديرها معلّم واحد، متسائلا كيف سيستفيد هؤلاء الطلبة في حصتهم التفاعلية، وكيف سيتم ضمان الإجابة عن أسئلتهم، وما هي العدالة في دفع الرسوم لطالب من المتوقع أن يكون متواجدا مع مجموعة صفية واحدة لا تتجاوز عشرين طالبا.
وبين أن الكثير من المدارس لم تلتزم بالخصم البالغ 15 بالمئة والذي أقرته وزارة التربية والتعليم في وقت سابق، مبينا في الوقت ذاته عدم وجود المراقبة الكافية لعدد من المؤسسات التعليمية الخاصة والبالغة نحو 3600 مؤسسة.
وأوضح أنّ المرشدين التربويين يتضاعف دورهم في هذه المرحلة، بيد أن عددا من المدارس لجأت إلى فصلهم، داعيا إيجاد طاولة حوار تجمع كل الاطراف من اولياء امور و معلمين وأصحاب مدارس خاصة مع الجهات و المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بما في ذلك وزارتا العمل والتربية.
وقالت مسؤولة حملة "قم للمعلم" هدى الكسواني، إن نسبة الشكاوى أثناء فترة كورونا ازدادت خاصة فيما يتعلق بالفصل التعسفي، حيث تم تقليص عدد من المعلمين، فيما الضرر الحاصل على المعلمين هي صعوبة إثبات عدد الساعات التي يعملون بها عن بعد وكانت هذه ذريعة لعدد من المدارس الخاصة بفصل عدد من المعلمين، إضافة إلى عدم تجديد عقود البعض الآخر منهم، عدا عن إعطاء الراتب للمعلم بالتقسيط.
نقيب المدارس الخاصة منذر الصوراني، بين أن أي مدرسة لا تستطيع الاستغناء عن أي مرشد تربوي، لكنه أشار الى أن المرشدين التربويين يعتبرون من الإداريين ممن ليس لهم عمل في المدرسة، كما أنهم من الناحية الأكاديمية محكومون بقانون التعليم إذ لا بد أن يتوافر في المرشد القدرة التعليمية الأكاديمية، فهو بذلك مرشد ومعلم في نفس الوقت.
وفيما يخص إغلاق منصات تعليمية أمام بعض الطلبة، أشار إلى أن وزارة التربية والتعليم أصدرت قرارا واضحا في أنه لا يجوز استخدام المنصات التعليمية أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي بين الأهل وبين المدرسة للضغط على ولي أمر الطالب فيما يتعلق بالأقساط المرسية تحت طائلة المسؤولية.(بترا)
(بترا) بشرى نيروخ-
في مسعى يحوّل التعليم الى سلعة، ابتكرت مدارس خاصة طريقة للعقاب الجماعي للطلبة، عبر حجب منصاتها التعليمية عنهم، ما لم تبادر أسرهم الى دفع اقساطهم المدرسية، وسط ظروف غير مسبوقة عالميا تفرضها جائحة كورونا .
ويصف عدد من اولياء الامور الجور الذي يقع على ابنائهم وبناتهم، الذين تلقي هذه الاجراءات في روعهم قناعة بأن المال هو كل شيء، في تناقض صارخ مع القيم الانسانية لثنائية التربية والتعليم.
فالصحة النفسية للطلبة، على ما يقول هؤلاء، هي المستهدف الاول من هذه الممارسة الوحشية، التي يرفضها القانون والقيم الاجتماعية العامة؛ فيما لجأت هذه المدارس الى تسريح عدد من المرشدين التربويين والنفسيين العاملين لديها، بصفتهم فائضا عن الحاجة في ظل التعليم الإلكتروني الذي أملته الجائحة.
"راما غانم" إحدى الأمهات اللواتي يبذلن جهدا إضافيا في التعليم عن بعد، تؤكد أن تسريح المرشدين يعمّق أزمة التعليم ويفاقمها، خصوصا في بيئة التعليم الالكتروني غير المسبوق بتبعاته وانعكاساته الخطيرة على النشء.
وتشدد على أن التعليم عن بعد يستدعي قيام المرشد التربوي بدوره في هذه البيئة الجديدة، وليس فصله، معتبرة أن تسريح هؤلاء المتخصصين يعبر عن عدم قناعة هذه المدارس بدورهم أصلا، فضلا عن تحول التعليم في هذه الحالة الى سلعة وتجارة غير انسانية.
ويشكو "ظاهر اليوسف" مر الشكوى، بعدما أن قامت مدرسة ابنائه بتعطيل تعليمهم نحو شهر ونصف الشهر، وحرمتهم من امتحاناتهم نتيجة عدم سداده للرسوم المدرسية، موضحا أنه لجأ إلى إدارة التعليم الخاص شاكيا.
وقال، ان شكواه دفعت المدرسة الى مساومته بتوقيع كمبيالة مالية بقيمة أقساط ابنائه، لافتا إلى قلة عدد الكادر التعليمي وعدم وجود مرشدين تربويين يساهمون في التخفيف من الارتباك والأرق الذي أصاب أبناءه في ظل حرمانهم من التعليم .
وكانت وزارة التربية والتعليم أعلنت في وقت سابق اتخاذها 48 عقوبة بحق مؤسسات تعليمية خاصة مخالفة منذ بداية العام الدراسي الحالي، استنادا إلى نص الفقرتين ( أ ) و ( ب ) من المادة 39 من قانون التربية والتعليم رقم ( 3 ) لسنة 1994 وتعديلاته، وأوامر الدفاع ذات العلاقة، مبينة ان المخالفات توزعت بين الإنذار وإلغاء الترخيص، والغرامات المالية بقيمة 3000 دينار، والتحويل إلى المحكمة المختصة.
وبحسب الوزارة فإن المخالفات تمثلت بحجب المنصات التعليمية عن الطلبة، وحجز ملفاتهم لأسباب مالية، ومخالفة البروتوكول الصحي وشروط السلامة العامة، وأسس قبول وانتقال الطلبة وعدم تجديد الرخص السنوية.
المرشد التربوي فائض عن الحاجة
المرشدة التربوية نهيل بركة، قالت ان المدرسة الخاصة التي كانت تعمل بها أنهت خدماتها، وقامت بتسريح أخريات ووضعت مرشدة تربوية واحدة هي أقلهنّ راتبا.
وطالبت بركة بإيجاد عقود خاصة للمرشدين ضمن عقود المعلمين وليس الإداريين، ذلك أنه يتم اعتبارهم من الإداريين، بينما عملهم هو التعليم وتحفيز الطلبة على التعلم وحل مشكلاتهم، بيد أن بعض المدارس حصرت مهامهم في تسجيل الحضور والغياب، وإعلام الإدارة إذا ما كان هنالك ضرورة للتواصل مع أحد أولياء الأمور. مشيرة الى ان هناك العديد من المدارس لا توظف معلما للإرشاد التربوي.
وكان مسح جديد أجرته منظمة الصحة العالمية أخيرا، كشف عن أن جائحة كوفيد-19 عطلت خدمات الصحة النفسية الحاسمة الأهمية أو أوقفتها في 93 بالمئة من البلدان حول العالم، في وقت يتزايد فيه الطلب على تلك الخدمات.
وأفاد المسح بأن ثلاثة أرباع البلدان تقريباً تعطّلت فيها خدمات الصحة النفسية في المدارس وأماكن العمل جزئياً على الأقل وبنسبة 78 بالمئة.
وأشارت المنظمة الى أن الجائحة تتسبب في زيادة الطلب على خدمات الصحة النفسية، فالفقد والعزلة وخسارة مصدر الدخل والشعور بالخوف جميعها مسببات للإصابة بحالات نفسية أو تفاقمها، وقد يعاني الناس من الأرق والقلق، كما أن جائحة كوفيد-19 بحد ذاتها قد تؤدي لمضاعفات عصبية ونفسية، داعية إلى الاستثمار في برامج الصحة النفسية المنقذة للأرواح سواء أثناء اندلاع الجائحة أم بعدها.
التعليم قيمة تتناقض مع المفهوم التجاري
عضو لجنة التعليم عن بعد في وزارة التربية والتعليم الدكتور ذوقان عبيدات، قال إنه على الرغم من التزام عدد من المدارس الخاصة بالتعليمات، إلا أنّ البعض الآخر تجاوز القانون، وأعاق دخول الطلبة إلى المنصات التعليمية، مشيرا إلى أنّ تربط لجوءها الى هذا العقاب بعدم دفع اقساط الطلبة.
على ان عبيدات يلفت الى ان بعض الأهالي قد يمرّون بظروف اقتصادية لا تمكنهم من دفع السداد، مشيرا الى أنّ المدارس قد لا تلجأ إلى المحكمة حال عدم تسديد الأقساط من قبل الأهالي، ذلك أنّ مرحلة التقاضي لمثل هذه الدعاوى قد تستغرق سنوات، فتلجأ إلى القرار الأسرع من خلال معاقبة الطلبة بحجب المنصات عنهم.
وشدد عبيدات على انه يجب تجنيب الطالب او تعريضه للاستبداد وممارسة الضغوطات عليه، وهذا أمر لا يجب السكوت عليه، فالتنمر يؤثر على مستقبل الطالب ويجعله في حيرة وقلق، اذ ان الأطفال ليسوا مسؤولين عن رسومهم.
وقال، على الرغم من عدم قيام عدد من المدارس بفصل معلميها، إلا أن البعض الآخر قام بهذا، ما يعني أن ما تبقّى من العاملين لديها يقومون بجهود مضاعفة تزيد على ثلاثة أو أربعة معلمين، ما يتسبب يإرهاقهم والضغط عليهم، وبالتالي التأثير على انتاجيتهم وعلى تفاعل الطلبة.
وأشار إلى أنّ قانون الدفاع يساعد المدارس الضعيفة ويدعمها ماديّا، ولا يوجد مبرر لإنهاء خدمات المعلمين، فهذا للأسف تنمر آخر يقع فيه عدد من المدارس الخاصة.
كورونا تكشف عورات التعليم
عضو مجلس الأمناء في المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور ابراهيم البدور أشار إلى أن أزمة كورونا كشفت عورات في قطاع التعليم على مستوى التدريس والمنصات والحفاظ على المعلمين، فيما أرخت الأزمة بظلالها على التعليم كما كل القطاعات الأخرى.
وقال البدور وهو رئيس لجنة التربية والصحة في المركز، إن هناك ضغوطات على المدارس الخاصة ماليا واقتصاديا، فكان أوّل ضحاياها المرشدين التربويين، إذ عمدت الى تسريحهم بحجج مالية، الامر الذي ينعكس سلبا على الطلبة.
وأوضح أن التعليم عن بعد حرم نسبة كبيرة من الطلبة من حقهم في التعلم، وأدّى إلى تشكل اجواء "فوقويّة" وكذلك التفريق بين الطلبة، اذ أنّ طلبة المدارس الخاصة منصات تفاعلية خاصة، مبينا أن خسائر المدارس الخاصة في ظل الأزمة لا تتجاوز 20 المئة.
واضاف، ان لجوء المدارس إلى تعطيل التعلّم عن بعد للطلبة نتيجة عدم سداد الأقساط المدرسية، هو طريقة للضغط على الأهالي، مشيرا إلى أنه إذا لم تتم السيطرة وإيجاد حلول وسطية لحل هذه المشاكل فإن الأمر قد يتطوّر مستقبلا، ما يؤثرعلى الطالب من خلال منعه من أداء الامتحانات أو عدم إعطائه الشهادة.
ويشير الى أن ما يزيد الامر خطورة، هو أن 28 بالمئة من الطلبة مسجلون في المدارس الخاصة، أي بحدود 700 ألف طالب وطالبة، من أصل مليون و800 ألف في المدارس الاردنية، فضلا عن أن 45 ألف معلم ومعلمة يعملون في القطاع الخاص.
آثار نفسية وتعليمية يتكبّدها الطلبة نتيجة غياب مرشديهم
أستاذ الإرشاد النفسي والتربوي في كلية العلوم التربوية بالجامعة الهاشمية الدكتور نادر الزيود، يرى أنّ قيام بعض المدارس الخاصة بإنهاء خدمات المرشدين التربويين والنفسيين سيكون له آثار سلبية على الصحة النفسية للطلبة في ظل تعليمهم عن بعد، بصورة أكبر مما هي عليه في التعليم الوجاهي، ذلك أنّهم حلقة وصل بين المعلم والطالب.
وبيّن أن المرشد يعد أحد أعضاء الهيئة التدريسيّة في المدرسة، ولا يجوز التقليل من أهمية عمله، فهو يعمل رديفا للطاقمين الإداري والتدريسي، ويقوم بتعزيز المهارات لدى الطّلبة وبما يمكّنهم من فهم المواد التدريسية، وتهيئتهم للتفاعل داخل المنصات التعليمية بشكل أفضل، ويقدّم الدعم اللازم للطلبة في ظل انخفاض دافعيتهم للتعلّم عبر التعليم عن بعد.
وأشار إلى أنه لا يجوز إيقاف التعليم عن الطفل سواء في المنصات التعليمية أو في التعليم الوجاهي، لأن ذلك يؤثر على نفسيته وتقبّله للتعلّم، والأصل أن القانون يمنع الحرمان التعليمي للطالب، فالتعليم حق للجميع والقانون يمنع حرمان الطالب من التعليم، لما له من آثار نفسيه سيئة عليه.
وفي الوقت ذاته يؤكد الزيود أنّ تخفيض أجور العاملين يؤثّر على انتاجيتهم، ذلك أنه في بعض المدارس يتم وضع شروط في العقد تتضمن احتمالية تخفيض الراتب من 10 إلى 30 بالمئة، عدا عن كثرة الأعباء المادية التي يتحملها المعلمون من توفير انترنت وأجهزة تُعينهم في عملهم عن بعد، والأدهى من ذلك أن هذه المدارس قامت ببيع أجهزة الكمبيوتر للمعلمين بالأقساط بدلا من توفيرها لهم لضمان استمرارية خدماتها التعليمية.
متاعب مالية للمدارس الخاصة
أخصائي علم النفس مالك الشامي، لفت الى متاعب ومعاناة أصحاب المدارس الخاصة، "فهم يحتاجون إلى مصدر دخل، إذ صنّفتهم الحكومة بأنهم من أكثر القطاعات تضرّرا، لكن هذا لا يعني التأثير على الطلبة سلبا في تحصيل الأقساط المدرسية".
وأشار إلى أن إغلاق المنصات أمام بعض الطلبة نتيجة عدم تسديد الرسوم يُشعرهم بالضعف والدونية وتمييزهم عن الآخرين بسبب الوضع المالي المتدني الذي يمر به أهاليهم، وبالتالي فإن هذا الشعور يتسبب بتقليل دافعيتهم للدراسة، والتهرب من متابعة التعليم، اذ هناك كثير من التبعات الخطيرة لذلك.
واضاف، ان غياب المرشد التربوي، يؤثر على دافعية الطلبة على التعليم، وينعكس على قدراتهم ومهاراتهم الدراسية، كما يؤثرعلى تفاعلهم مع المعلم بشكل سلبي وظهور مشكلات إضافية مع أسرهم وزملائهم، وفقدانهم لمهارات التواصل الاجتماعي وعدم القدرة على حلها، فتراكم تلك المشكلات من الممكن أن تؤدي لمرض نفسي.
القانون يخالف حرمان الطلبة من المنصات التعليمية
المتخصص في القضايا التعليمية المحامي عمر الطويل، أوضح أن إغلاق المنصات التعليمية أمام الطلبة هو إجراء غير قانوني، مبينا أنه قام بإرجاع نحو16 طالبا إلى مدارسهم ومنصاتهم التعليمية.
وبيّن أن الإجراء الصحيح في حال تجاوز المدارس للقانون هو الشكوى لإدارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم، فأي مخالفة تحدث هي من مسؤولية الوزارة، مشيرا إلى أن الفقرة الثالثة من المادة السادسة للدستور الأردني، أشارت إلى أنه "تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين"، كما أنه لأوّل مرّة في تاريخ الأمة العربية يتم كتابة فلسفة التعليم في كتب القانون والفقه ولا يجوز الحياد عنه.
وأوضح أن الذين لم يطالبوا بحقوقهم يكون نتيجة جهلهم بالقانون، وهذا مردّه ضعف المناهج في التركيز على القوانين، وكيفية قراءتها.
وأضاف، إن الربط بين المال والتعليم هو"مقتل"، بحسب تعبيره، فالأصل في الأمور أنّ المدارس هي مرفق عام وأن يكون مجانيا، ذلك أن قانون التربية والتعليم الأردني من أنظم وأجدر ما كُتب في التعليم على مستوى الوطن العربي، ومما ورد فيه أنّ "التعليم والمال منفصلان بشكل واضح"، فالذي يحدث هو نتيجة عدم وضوح الرؤية لدى أطراف المعادلة، ما يؤدي إلى الوقوع في كثير من الإشكاليات.
ودعا كل الأطراف إلأى التوافق، ومشاركة الخسائر لا الربح، والعمل على إيجاد حلول لتمويل المدرسة، من خلال قنوات أخرى، مثل تخفيض ضريبة الدخل البالغة 20 بالمئة وصولا الى إلغائها، مشيرا إلى أن عدم الوضوح والمشاركة بين أطراف المعادلة كاملة سيؤدي إلى وضع الجميع في محاولة للبقاء تجاريا دون النظر إلى المصالح العامة المجتمعية، وبالتالي كان الأجدر أن يتم الجلوس على طاولة واضحة للوصول إلى مشاركة التشريع مع الجميع.
وسائل ضغط على المعلمين تؤثر على انتاجيتهم
الناطق الإعلامي في وزارة العمل محمد الزيود، أكد أنه يمنع تسريح أي عامل مخالف لأوامر الدفاع، ويتم مخالفة المدرسة التي تتجاوز هذا الموضوع.
وأشار إلى أنه في الوضع الطبيعي فإن المدارس الخاصة تتعامل معنا بعقود موحّدة، ما بين نقابة أصحاب المدارس ونقابة المعلمين وما بين الوزارة، وما واجهناه هو استمرار الانتهاكات التي كانت موجودة قبل كورونا، وكانت تتمثل بالحد الأدنى من الأجور، إضافة إلى استخدامها طرقا للتحايل على القانون بتوقيع عقود وكمبيالات أو شيكّات كوسيلة للضغط المباشر، وقد تم ضبط مدرستين ألزمت واحدة منهما أكثر من 950 عاملا على توقيع الكمبيالات، وقد قمنا باتخاذ الإجراءات المناسبة وإعادت هذه الكمبيالات إلى أصحابها.
وأضاف، كانت هناك انتهاكات أخرى كالفصل التعسفي أو إنهاء العقود بدون أي مبرر، وعدم تجديدها، وقد تلقينا نحو 1500 شكوى خلال فترة كورونا على المدارس الخاصة، وكانت في أغلبها تدور حول عدم تجديد العقود، ذلك أن أوامر الدفاع أجبرت أصحاب المدارس على تجديد العقود إذا كان العامل أو المعلّم جدّد ثلاثة عقود متتالية، وبالتالي يمنع تسريحه من العمل وعلى المدرسة تجديد العقد بشكل تلقائي، فيما الوزارة قامت بإرجاع نحو 2500 معلم إلى مدارسهم.
وأشار الزيود الى أن 70 بالمئة من مشاكل المدارس تكمن في أنها لا ترتبط بالمعلمين، بقدر ما كانت تتعلّق بأمورالنقل، إذ اكتشفنا أن الذي ينقل الطلاب ليست باصات المدرسة وإنما تعود لمتعهّد بالنقل، وجاءتنا شكاوى كثيرة حول هذا الموضوع، عدا عن الشكاوى المقدّمة من نقابة المعلمين والبالغة نحو ألف شكوى ومن حملة "قم للمعلم" اللتين تعاونّا معهما في حل الكثير من الشكاوى إضافة إلى منصة "حماية" الخاصة بالوزارة والتي نستقبل من خلالها الشكاوى على مدار الساعة.
وفي الوقت الذي تقدّم فيه الحكومة الدعم للمدارس المتضررة من كورونا، يشير الناطــق الإعلامـي باسم المؤسســة العامة للضمان الاجتماعي شامان المجالي، إلى أن حصول المدارس الخاصة الإعدادية والثانوية على الدعم، من خلال برنامج استدامة الذي أطلقته المؤسسة أخيرا، يستدعي أن تثبت تضررها بالجائحة.
أما المدارس الابتدائية ورياض الأطفال فإنها تعتبر من المنشآت الأكثر تضررا في الجائحة وسيصرف للعاملين في تلك المنشآت 75 بالمئة من أجورهم، حيث أن 50 بالمئة منها يتحملها البرنامج و 50 بالمئة المتبقية يدفعها صاحب العمل.
انتهاك الحقوق نتيجة ضعف الرقابة
مستشار القضايا العمالية المحامي حمادة أبونجمة بين أن قيام عدد من المدارس الخاصة بفصل المعلمين، وبالتالي زيادة الأعباء على أقرانهم في المدرسة، يشكل مخالفة قانونية، وانتهاكا للحقوق العمالية.
وبين أبو نجمة وهو عضو لجنة الخبراء في منظمة العمل العربية، أن أوامر الدفاع تحظر إنهاء خدمات العاملين تحت طائلة العقوبة القانونية، وليس هناك ما يبرر إنهاء خدماتهم في مثل هذا الظرف، ذلك إن الكلف التشغيلية للمدارس انخفضت، مبينا في الوقت ذاته أنّ أمر الدفاع رقم 6 نص على أنه "يعاقب من يخالف أي حكم آخر من أحكام أمر الدفاع هذا والبلاغات الصادرة عن رئيس الوزراء أو الوزراء المكلفين بمقتضاه بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة ثلاثة آلاف دينار".
وأوضح أن المرشدين التربويين في علم التعليم عن بعد، هم من أكثر الناس أهمية في العملية التعليمية في ظل انقطاع حضور الطلبة للمدارس وما يرافق ذلك من شعور بالقلق أو الأرق لدى بعض الطلبة، في حين يسهم المرشدون التربويون في تجاوز هذه المعاناة التي قد تصيبهم.
وأشار ابو نجمة إلى أن التعليم عن بعد قد يتسبب في انتهاك حقوق العاملين بخاصة في مجال التعليم، وتحمّلهم للضغوطات الملقاة على عاتقهم من إعداد فيديوهات وتحضير الدروس المطلوبة، والتواصل مع الطلبة وأولياء أمورهم عبر هاتفهم الخلوي، إذ تمتد ساعات العمل على هذا النحو إلى أكثر من 15 ساعة في اليوم الواحد، فهم يعملون أضعاف ساعاتهم المعتمدة للعمل، ما يؤثر على انتاجيتهم وتفاعلهم مع الطلبة.
وقال، في ظل ضعف الرقابة، فإن ذلك يؤثر على جودة التعليم، فالمدارس الملتزمة بالتعليمات والقوانين عددها محدود، بيد أن عددا من المدارس تلجأ إلى استغلال الوضع بهدف زيادة أرباحها فتخفض من حجم مصروفاتها وكلفها التشغيلية ومن أعداد معلميها، بما يتسبب في زيادة الأعباء على المعلم الواحد.
وبين أن ما تقوم به بعض المدارس من تحصيل للرسوم من الأهالي، في وقت تعمل على تخفيض الكلف وتقليص الخدمات التعليمية وجودتها بشكل خاص من خلال انهاء خدمات المعلمين، هو نوع من الاستغلال، سيما وأن العديد من المدارس ربحت في هذا الظرف بشكل أكبر مما عليه في الظروف الأخرى، نتيجة انخفاض الكلف التشغيلية بسبب التحول الى التعليم عن بعد، مؤكدا أن القانون يوجب على صاحب العمل أن يوفر الأدوات والكلف اللازمة للعامل أو المعلم لأداء عمله عن بعد، لتقديم خدماته بالشكل المناسب.
مطالبات بإيجاد تقارير قياسية لجودة التعليم عن بعد
وطالب مسؤول حملة زودتوها بشار حداد بقياس جودة التعليم عن بعد، وإظهار التقارير الخاصة بذلك الأمر، سيما وأن عددا من المدارس تقوم بتقليص أعداد المعلمين وإشراك الطلبة في مجموعات صفية في آن واحد تتضمن 70 طالبا يديرها معلّم واحد، متسائلا كيف سيستفيد هؤلاء الطلبة في حصتهم التفاعلية، وكيف سيتم ضمان الإجابة عن أسئلتهم، وما هي العدالة في دفع الرسوم لطالب من المتوقع أن يكون متواجدا مع مجموعة صفية واحدة لا تتجاوز عشرين طالبا.
وبين أن الكثير من المدارس لم تلتزم بالخصم البالغ 15 بالمئة والذي أقرته وزارة التربية والتعليم في وقت سابق، مبينا في الوقت ذاته عدم وجود المراقبة الكافية لعدد من المؤسسات التعليمية الخاصة والبالغة نحو 3600 مؤسسة.
وأوضح أنّ المرشدين التربويين يتضاعف دورهم في هذه المرحلة، بيد أن عددا من المدارس لجأت إلى فصلهم، داعيا إيجاد طاولة حوار تجمع كل الاطراف من اولياء امور و معلمين وأصحاب مدارس خاصة مع الجهات و المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بما في ذلك وزارتا العمل والتربية.
وقالت مسؤولة حملة "قم للمعلم" هدى الكسواني، إن نسبة الشكاوى أثناء فترة كورونا ازدادت خاصة فيما يتعلق بالفصل التعسفي، حيث تم تقليص عدد من المعلمين، فيما الضرر الحاصل على المعلمين هي صعوبة إثبات عدد الساعات التي يعملون بها عن بعد وكانت هذه ذريعة لعدد من المدارس الخاصة بفصل عدد من المعلمين، إضافة إلى عدم تجديد عقود البعض الآخر منهم، عدا عن إعطاء الراتب للمعلم بالتقسيط.
نقيب المدارس الخاصة منذر الصوراني، بين أن أي مدرسة لا تستطيع الاستغناء عن أي مرشد تربوي، لكنه أشار الى أن المرشدين التربويين يعتبرون من الإداريين ممن ليس لهم عمل في المدرسة، كما أنهم من الناحية الأكاديمية محكومون بقانون التعليم إذ لا بد أن يتوافر في المرشد القدرة التعليمية الأكاديمية، فهو بذلك مرشد ومعلم في نفس الوقت.
وفيما يخص إغلاق منصات تعليمية أمام بعض الطلبة، أشار إلى أن وزارة التربية والتعليم أصدرت قرارا واضحا في أنه لا يجوز استخدام المنصات التعليمية أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي بين الأهل وبين المدرسة للضغط على ولي أمر الطالب فيما يتعلق بالأقساط المرسية تحت طائلة المسؤولية.(بترا)
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات