مع استمرار العدوان 'الإسرائيلي' على قطاع غزة لأكثر من 429 يوما ، تحلّ ذكرى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى لتفتح جرحاً غائراً وتساؤلات عن أسباب غياب هبّة شعبية مشابهة. وفي 8 ديسمبر/كانون الأول من عام 1987 انطلقت 'انتفاضة الحجارة' ردَّ فعل على دهس شاحنة إسرائيلية لحافلة كانت تقلّ عمالاً فلسطينيين في أثناء انتظارهم التفتيش من أجل العبور من حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة. استُشهد في تلك الحادثة أربعة عمال وجُرِح سبعة آخرون من سكان مخيم جباليا في شمال القطاع، ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرأى من جنود الحاجز، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية .
على إثر ذلك اندلع بركان غضب شعبي صباح اليوم التالي من مخيم جباليا حيث يقطن أهالي الضحايا الأبرياء، ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداؤه بعنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لدى تشييع الشهداء الأربعة. لكن لم يكن هذا السبب الوحيد، فقد كانت خلفية الانتفاضة هي الاحتلال الإسرائيلي الذي دام 20 عاماً للضفة الغربية الفلسطينية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وحكمت إسرائيل الأراضي المحتلة بقبضة من حديد، إذ فرضت حظر التجول، ونفذت مداهمات واعتقالات وترحيلات وهدم منازل، وهو ما شكَّل دافعاً لانطلاقة هذه الانتفاضة بقوة. وبينما اجتمع القادة الفلسطينيون لمناقشة الوضع المتصاعد، اندلعت الاحتجاجات والاشتباكات داخل مخيمات اللاجئين، وانتشرت بسرعة عبر الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وسيطر الفلسطينيون على الأحياء وأقاموا المتاريس على الطرق لمنع مركبات الجيش الإسرائيلي من الدخول، وكانوا غير مسلَّحين إلى حد كبير، ولم يدافعوا عن أنفسهم إلا بإلقاء الحجارة على الجنود ودباباتهم. وأغلق أصحاب المتاجر أعمالهم ورفض العمال الذهاب إلى أماكن عملهم في إسرائيل، كما أعلنوا الإضرابات في شكل جديد من أنواع الاحتجاج. وعرّف الجيش هذه الأعمال بأنها 'أعمال شغب'، وتحرك بقوة لقمع الاحتجاجات بإطلاق الرصاص المطاطي والذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع على الحشود، واتسعت الاحتجاجات حتى شارك فيها عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال. ورغم استخدام الفلسطينيين للمظاهرات والحجارة فقط في الانتفاضة، فإن قوات الاحتلال قابلت ذلك باستخدام العنف المفرط، وردّت بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أدى إلى استشهاد وجرح الآلاف. كما تبنَّت إسرائيل سياسة ما يُعرف بـ'تكسير العظام'، إذ عمد الجنود، تنفيذاً لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين، إلى ضرب راشقي الحجارة بالعصي، بهدف كسر أطرافهم. وحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية، استُشهد في الانتفاضة 1550 فلسطينياً، وجُرِح ما يزيد على 70 ألفاً، وعلى الجانب الآخر قُتل 256 مستوطناً و127 جندياً على أيدي الفلسطينيين. واعتُقل 100 ألف فلسطيني، فضلاً عن 18 ألف معتقل إداري (من دون تهمة أو محاكمة)، كما كشفت إحصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي أن 40 فلسطينياً قضوا آنذاك داخل السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، بعد أن استخدم المحققون معهم أساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات. وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، 'جرى هدم 447 منزلاً فلسطينياً على الأقل هدماً كاملاً، وإغلاق 294 منزلاً فلسطينياً إغلاقاً تاماً باعتباره عقاباً، إضافة إلى هدم 81 منزلاً فلسطينياً هدماً كاملاً خلال عمليات البحث عن المطارَدين، وهدم 1800 منزل فلسطيني بحجة بناء أصحابها من دون ترخيص'.
استمرَّت الانتفاضة لمدة 6 سنوات قبل أن تنتهي بتوقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، التي جرى على إثرها تشكيل السلطة الفلسطينية في العام التالي. وعن النتائج والمكاسب السياسية للانتفاضة، يقول أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة حيفا محمود يزبك إنّ 'الانتفاضة الأولى نجحت بشكل كبير جداً لأنها أجبرت المحتل على أن يبدأ في مشروع مفاوضات مع الفلسطينيين والوصول إلى اتفاق أوسلو'.
من 'انتفاضة الحجارة' إلى 'طوفان الأقصى'..
صدى الشعب - فايز الشاقلدي
مع استمرار العدوان 'الإسرائيلي' على قطاع غزة لأكثر من 429 يوما ، تحلّ ذكرى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى لتفتح جرحاً غائراً وتساؤلات عن أسباب غياب هبّة شعبية مشابهة. وفي 8 ديسمبر/كانون الأول من عام 1987 انطلقت 'انتفاضة الحجارة' ردَّ فعل على دهس شاحنة إسرائيلية لحافلة كانت تقلّ عمالاً فلسطينيين في أثناء انتظارهم التفتيش من أجل العبور من حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة. استُشهد في تلك الحادثة أربعة عمال وجُرِح سبعة آخرون من سكان مخيم جباليا في شمال القطاع، ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرأى من جنود الحاجز، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية .
على إثر ذلك اندلع بركان غضب شعبي صباح اليوم التالي من مخيم جباليا حيث يقطن أهالي الضحايا الأبرياء، ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداؤه بعنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لدى تشييع الشهداء الأربعة. لكن لم يكن هذا السبب الوحيد، فقد كانت خلفية الانتفاضة هي الاحتلال الإسرائيلي الذي دام 20 عاماً للضفة الغربية الفلسطينية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وحكمت إسرائيل الأراضي المحتلة بقبضة من حديد، إذ فرضت حظر التجول، ونفذت مداهمات واعتقالات وترحيلات وهدم منازل، وهو ما شكَّل دافعاً لانطلاقة هذه الانتفاضة بقوة. وبينما اجتمع القادة الفلسطينيون لمناقشة الوضع المتصاعد، اندلعت الاحتجاجات والاشتباكات داخل مخيمات اللاجئين، وانتشرت بسرعة عبر الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وسيطر الفلسطينيون على الأحياء وأقاموا المتاريس على الطرق لمنع مركبات الجيش الإسرائيلي من الدخول، وكانوا غير مسلَّحين إلى حد كبير، ولم يدافعوا عن أنفسهم إلا بإلقاء الحجارة على الجنود ودباباتهم. وأغلق أصحاب المتاجر أعمالهم ورفض العمال الذهاب إلى أماكن عملهم في إسرائيل، كما أعلنوا الإضرابات في شكل جديد من أنواع الاحتجاج. وعرّف الجيش هذه الأعمال بأنها 'أعمال شغب'، وتحرك بقوة لقمع الاحتجاجات بإطلاق الرصاص المطاطي والذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع على الحشود، واتسعت الاحتجاجات حتى شارك فيها عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال. ورغم استخدام الفلسطينيين للمظاهرات والحجارة فقط في الانتفاضة، فإن قوات الاحتلال قابلت ذلك باستخدام العنف المفرط، وردّت بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أدى إلى استشهاد وجرح الآلاف. كما تبنَّت إسرائيل سياسة ما يُعرف بـ'تكسير العظام'، إذ عمد الجنود، تنفيذاً لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين، إلى ضرب راشقي الحجارة بالعصي، بهدف كسر أطرافهم. وحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية، استُشهد في الانتفاضة 1550 فلسطينياً، وجُرِح ما يزيد على 70 ألفاً، وعلى الجانب الآخر قُتل 256 مستوطناً و127 جندياً على أيدي الفلسطينيين. واعتُقل 100 ألف فلسطيني، فضلاً عن 18 ألف معتقل إداري (من دون تهمة أو محاكمة)، كما كشفت إحصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي أن 40 فلسطينياً قضوا آنذاك داخل السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، بعد أن استخدم المحققون معهم أساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات. وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، 'جرى هدم 447 منزلاً فلسطينياً على الأقل هدماً كاملاً، وإغلاق 294 منزلاً فلسطينياً إغلاقاً تاماً باعتباره عقاباً، إضافة إلى هدم 81 منزلاً فلسطينياً هدماً كاملاً خلال عمليات البحث عن المطارَدين، وهدم 1800 منزل فلسطيني بحجة بناء أصحابها من دون ترخيص'.
استمرَّت الانتفاضة لمدة 6 سنوات قبل أن تنتهي بتوقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، التي جرى على إثرها تشكيل السلطة الفلسطينية في العام التالي. وعن النتائج والمكاسب السياسية للانتفاضة، يقول أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة حيفا محمود يزبك إنّ 'الانتفاضة الأولى نجحت بشكل كبير جداً لأنها أجبرت المحتل على أن يبدأ في مشروع مفاوضات مع الفلسطينيين والوصول إلى اتفاق أوسلو'.
من 'انتفاضة الحجارة' إلى 'طوفان الأقصى'..
صدى الشعب - فايز الشاقلدي
مع استمرار العدوان 'الإسرائيلي' على قطاع غزة لأكثر من 429 يوما ، تحلّ ذكرى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى لتفتح جرحاً غائراً وتساؤلات عن أسباب غياب هبّة شعبية مشابهة. وفي 8 ديسمبر/كانون الأول من عام 1987 انطلقت 'انتفاضة الحجارة' ردَّ فعل على دهس شاحنة إسرائيلية لحافلة كانت تقلّ عمالاً فلسطينيين في أثناء انتظارهم التفتيش من أجل العبور من حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة. استُشهد في تلك الحادثة أربعة عمال وجُرِح سبعة آخرون من سكان مخيم جباليا في شمال القطاع، ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرأى من جنود الحاجز، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية .
على إثر ذلك اندلع بركان غضب شعبي صباح اليوم التالي من مخيم جباليا حيث يقطن أهالي الضحايا الأبرياء، ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداؤه بعنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لدى تشييع الشهداء الأربعة. لكن لم يكن هذا السبب الوحيد، فقد كانت خلفية الانتفاضة هي الاحتلال الإسرائيلي الذي دام 20 عاماً للضفة الغربية الفلسطينية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وحكمت إسرائيل الأراضي المحتلة بقبضة من حديد، إذ فرضت حظر التجول، ونفذت مداهمات واعتقالات وترحيلات وهدم منازل، وهو ما شكَّل دافعاً لانطلاقة هذه الانتفاضة بقوة. وبينما اجتمع القادة الفلسطينيون لمناقشة الوضع المتصاعد، اندلعت الاحتجاجات والاشتباكات داخل مخيمات اللاجئين، وانتشرت بسرعة عبر الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وسيطر الفلسطينيون على الأحياء وأقاموا المتاريس على الطرق لمنع مركبات الجيش الإسرائيلي من الدخول، وكانوا غير مسلَّحين إلى حد كبير، ولم يدافعوا عن أنفسهم إلا بإلقاء الحجارة على الجنود ودباباتهم. وأغلق أصحاب المتاجر أعمالهم ورفض العمال الذهاب إلى أماكن عملهم في إسرائيل، كما أعلنوا الإضرابات في شكل جديد من أنواع الاحتجاج. وعرّف الجيش هذه الأعمال بأنها 'أعمال شغب'، وتحرك بقوة لقمع الاحتجاجات بإطلاق الرصاص المطاطي والذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع على الحشود، واتسعت الاحتجاجات حتى شارك فيها عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال. ورغم استخدام الفلسطينيين للمظاهرات والحجارة فقط في الانتفاضة، فإن قوات الاحتلال قابلت ذلك باستخدام العنف المفرط، وردّت بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أدى إلى استشهاد وجرح الآلاف. كما تبنَّت إسرائيل سياسة ما يُعرف بـ'تكسير العظام'، إذ عمد الجنود، تنفيذاً لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين، إلى ضرب راشقي الحجارة بالعصي، بهدف كسر أطرافهم. وحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية، استُشهد في الانتفاضة 1550 فلسطينياً، وجُرِح ما يزيد على 70 ألفاً، وعلى الجانب الآخر قُتل 256 مستوطناً و127 جندياً على أيدي الفلسطينيين. واعتُقل 100 ألف فلسطيني، فضلاً عن 18 ألف معتقل إداري (من دون تهمة أو محاكمة)، كما كشفت إحصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي أن 40 فلسطينياً قضوا آنذاك داخل السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، بعد أن استخدم المحققون معهم أساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات. وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، 'جرى هدم 447 منزلاً فلسطينياً على الأقل هدماً كاملاً، وإغلاق 294 منزلاً فلسطينياً إغلاقاً تاماً باعتباره عقاباً، إضافة إلى هدم 81 منزلاً فلسطينياً هدماً كاملاً خلال عمليات البحث عن المطارَدين، وهدم 1800 منزل فلسطيني بحجة بناء أصحابها من دون ترخيص'.
استمرَّت الانتفاضة لمدة 6 سنوات قبل أن تنتهي بتوقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، التي جرى على إثرها تشكيل السلطة الفلسطينية في العام التالي. وعن النتائج والمكاسب السياسية للانتفاضة، يقول أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة حيفا محمود يزبك إنّ 'الانتفاضة الأولى نجحت بشكل كبير جداً لأنها أجبرت المحتل على أن يبدأ في مشروع مفاوضات مع الفلسطينيين والوصول إلى اتفاق أوسلو'.
التعليقات