ليس يعيدا عن الاستحقاقات الأمنية التي برع بالتعامل معها جهاز الأمن العام على مدار الأشهر الماضية، ومنذ شهر حزيران المنصرم على وجه التحديد، سجل مدير الأمن العام اللواء فاضل الحمود جهدا قياسيا لجهة التفرد بإدارة الملف الأمني، سيما ونحن نتحدث عن صيف قائظ شهد تحديات أمنية جسيمة خلال خروج الاحتجاجات بأكثر من مكان، لم تلبث العاصمة عمان حينذاك ان سجلت ايضا اكتظاظا زخما لجهة حجم الاحتجاجات التي تمترست في مواقع حيوية وحساسة ازاء وقوعها بالقرب من دوائر صتع القرار.
نجح جهاز الأمن العام في احتواء المناخ الأمني ووضعه في مقارنة عادلة مع دول الغرب المتقدم، وقد تميز اللواء الحمود في في قيادة اهم أجهزة الدولة الأمنية لتماسها المباشر مع الشارع، كما نجح اللواء فاضل الحمود في التعاطي الأمني الشمولي في إدارة الشأن الأمني، اذا ما نظرنا لفكرة التنوع البشري الذي بدأ يأخذ مساحته على خارطة الوطن لجهة وجود ما لا يقل عن 4 ملايين مقيم على ارض المملكة من جميع جنسيات العالم ابرزها مقيمي اللجوء السوري ، والذي وعلى مدار الاعوام الثمانية الماضية على عمر الأزمة السورية، ما زاد من مسؤوليات الجهاز، وزاد من اعبائه الامنية بطبيعة الحال .
الـ'ماكنة الأمنية' بقيادة الباشا الحمود ، افرزت ودون ادنى شك مخرجات طغت بحصيلتها لتعزيز مفهوم الأمن والأمان كمنظومة مجتمعية ثابتة، راسخة ومتطورة غدت العنوان الأبرز للأردن السياسي، واختلت قبلاً تثمين واهتمام الصالونات السياسية والإعلامية والشعبية، وقد نجح الرجل في تقديم نفسه كمدير جهاز أمني يعتبره مطبخ القرار والشارع الشعبي بيت الأمن الأردني الأول.
الباشا الحمود الذي احتل مكانة الرجل الأمني الأول، باشر عمله القيادي الرفيع مدفوعا بحنكته الأمنية الفذة، واستطاع دوناً عن غيره من قادة الجهاز ممن سبقوه في التقاط الرسائل الملكية المطالبة بضرورة الإصلاح المؤسسي لأركان الدولة الرسمية والأمنية، حيث تعامل مع الرسائل الملكية كمرجعية أولى استند اليها الحمود بقوة في ادارته الجديدة للجهاز، تحت عنوان عريض لمفهوم الأمن الشامل الذي يتناغم مع متطلبات المرحلة في فرض هيبة الدولة وسيادة القانون، بعيدا سياسات المحاباة او الاسترضاء او خدمة أي كان على حساب هيبة وسيادة الدولة، وقف واضحا ثابتا وعلى مسافة واحدة من الجميع، سواء كانوا مسؤولون كبار ام مواطنين، فالوطن واحد وقدسية أمنه مظلة للجميع .
اللافت في مسيرة الجنرال الحمود الأمنية والتي بدأها أوائل الثمانينيات، انه يرفض فكرة المحطات ، فالعمل الأمني لديه لا يبتعد عن مضمار 'المارثون' في سباق المسافات الطويلة التي تؤدي في نتائجها الحتمية الى خلق المناخ الأمني المرجو في مفاهيم المنظومة الأمنية، وهو الرجل الذي تم اقصاؤه عن واجهة العمل الأمني حين تمت اقالته صيف 2013 في عهد المدير الأسبق توفيق الطوالبة، لتتم اعادته مطلع عام 2014 وبعد أشهر قليلة من مغادرته جهاز الأمن العام أميناً عاماً للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، وقد رفضت 'كاريزما' الرجل الأمنية الزج بها في معسكر المحاربين القدامى ، وهو صاحب الخبرات الأمنية التي حصدها طيلة العقود الثلاثة التي تنقل فيها في عدة ادارات ومناصب امنية.
الجنرال الحمود والذي تسيد دفة الماكنة الأمنية ، انطلق من بيت الجهاز الداخلي احتكم فيه الى كل ما من شأنه خدمة طبيعة ومسيرة الجهاز، ساعده في ذلك ما يملكه من خبرات اداراته السابقة في البحث الجنائي والسير واولم تمنعه ديبلوماسيته من المجاهرة بضرورات ترتيب البيت الداخلي للجهاز، غير آبهٍ بمواقف او ردود فعل من قد يمسهم هذا الترتيب من كبار مسؤولي الجهاز او خارجه، وليصّرح بالعلن عن آليات هذا الترتيب بقصد سيادة القانون والعدالة والحزم على الجميع، مواطنين ومسؤولين ، وما تبعها من تصريحات نسفت بالكامل سوء الفهم الحاصل لدى الكثيرين لمفهوم الأمن الناعم، الذي قال بشأنه الجنرال الحمود انه لا وجود لأمن 'ناعم او خشن' بل هناك تطبيق للقانون وحفظ سيادته، وهي التصريحات التي على ما يبدو أثارت حفيظة ما يُسمى بقوى الشد العكسي، والتي تتعارض مصالحها وتصريحات الحمود الذي بدأ فعليا وعلى مدار الشهرين الماضيين بأجندة تصويب الأوضاع واعادة الهيكلة، واصدار التعليمات، والغاء بعض القرارات ، ما حدا بالبعض لوصف هذا التحرك بـ 'التوسونامي' الاصلاحي و التصحيحي لمسار جهاز الأمن العام، ليس تقليصا أو تحجيما لعمل الإدارات السابقة للجهاز، وإنما لما ستصب فيه خبرات الحمود التراكمية في خلق نهج واستراتيجيات عمل شفافة لاستعادة الهمة والهيبة للمنظومة الأمنية والعمل الشرطي الذي ظل طيلة العقود الماضية اللبنة الأساسية لمفهوم الأمن والأمان، ذلك المفهوم الذي يحاول البعض المساس به ازاء بعض الافعال الجرمية التي شهدتها البلاد مؤخرا، على الرغم من انه تم ضبطها واحكام القبضة الأمنية على مرتكبيها.
الا ان يقظة الجنرال الأمنية، وازاء بروز بعض حالات 'التصيّد في المياه العكرة' لأدائه الأمني، والتي لم يرد عليها بأسلوب التربص والقنص وانما بالعقل والحكمة والمنطق، وقبلا بالأفعال، حين اعلن عن اعادة صياغة استراتيجية امنية حديثة للأعوام (2018 - 2020) تراعي تحقيق منظومة الامن الوطني وتعمل على معالجة التحديات الأمنية والجرمية وانعكاساتها على المجتمع وتهدف للتوعية والحد من الجريمة بكافة اشكالها وملاحقتها وضبط مرتكبيها وزيادة الانتشار الامني وتجفيف بؤر الجريمة ومواكبة الجرائم المستحدثة والالكترونية والعابرة للحدود منها.
اختيار الجنرال الحمود لقيادة دفة جهاز الأمن العام، لم يكن مفاجئا للمراقب الأمني والسياسي، وقد تم استقدامه بقرار سياسي أمني ، من مطبخ صُنع القرار ، بعد أن تأكد للأخير أن الحالة الأمنية الأردنية الداخلية تستوجب حضور رجالاتها، خاصة بعد العديد من المشهديات التي اشارت بوصلتها الى ما يُشبه العبث الأمني الذي طفا على سطح الشارع الأردني كما شهدنا مؤخرا.
وفي الدوافع الأمنية الوظيفية، يجيئ اختيار الحمود بعد ان شغل مواقع أمنية حساسة كقائد لأمن اقليم العاصمة، ومدير لإدارة البحث الجنائي، وتسلمه كذلك لإدارات متنوعة منها ترخيص السواقين والمركبات والمجلس الوطني لشؤون الأسرة، الامر الذي راكم خلاله خبرات امنية فذة وغير مسبوقة، وراحت به هذه الخبرات للخروج الى نهج الديبلوماسية الأمنية، وهو الرجل الذي برع ايضا في المنعطفات الحساسة التي تقود خطاب العمل الأمني، وليس أدق على ذلك من تغييره للغة السياسات الأمنية، هو مع المهادنة في الخطاب الأمني مع الغالبية العظمى للمواطنين ممن يُشكلون بحسبه نحو 97% من المواطنين الصالحين، لكنه مع لغة الخطاب التصعيدي بما يكتنفها من تهديد ووعيد حيال من يؤمنون بأن هناك من هم اقوى او فوق القانون، وأن لا مناطق عصية على الأمن العام ولا الدولة، وما تصريحاته الأخيرة والتي أثارت ردود فعل متباينة لجهة ما تحمله من وعيد وحزم لمن يفكر بالإساءة او النيل من رجال الأمن العام بالقول بـ'الضرب بيد من حديد سيكون مصير أي شخص يحاول تجاوز القانون' الا تأكيدا على تلك التصريحات التي تريد حماية الوطن وابنائه سواء المواطنين او العاملين في الأجهزة الأمنية.
لا يؤخذ على الجنرال الحمود انه صاحب سياسة الأمن المتأهب، وهو المسؤول الأمني الكبير الذي نجح في التعامل مع اخطر وادق الملفات الأمنية حساسية كما في ملف الارهاب، وقد سجل الحمود دورا امنيا بارزا يتسم بالحس الامني عالي الوطنية ، وطالما جاهر بتصريحاته ازاء امن الوطن بأنه الخط الأحمر الأول ، فكانت جهوده الجبارة في التعامل مع احداث السلط والفحيص حيث تم كشف الخلية بوقت قياسي بالتنسيق مع مرتبات الاجهزة الامنية الاخرى، ليظل الوطن الأردني موئل رجالاته الأشاوس، وموطن الأمن والامان شاء من شاء وأبى من أبى .
بقلم : ينال المعاني
ليس يعيدا عن الاستحقاقات الأمنية التي برع بالتعامل معها جهاز الأمن العام على مدار الأشهر الماضية، ومنذ شهر حزيران المنصرم على وجه التحديد، سجل مدير الأمن العام اللواء فاضل الحمود جهدا قياسيا لجهة التفرد بإدارة الملف الأمني، سيما ونحن نتحدث عن صيف قائظ شهد تحديات أمنية جسيمة خلال خروج الاحتجاجات بأكثر من مكان، لم تلبث العاصمة عمان حينذاك ان سجلت ايضا اكتظاظا زخما لجهة حجم الاحتجاجات التي تمترست في مواقع حيوية وحساسة ازاء وقوعها بالقرب من دوائر صتع القرار.
نجح جهاز الأمن العام في احتواء المناخ الأمني ووضعه في مقارنة عادلة مع دول الغرب المتقدم، وقد تميز اللواء الحمود في في قيادة اهم أجهزة الدولة الأمنية لتماسها المباشر مع الشارع، كما نجح اللواء فاضل الحمود في التعاطي الأمني الشمولي في إدارة الشأن الأمني، اذا ما نظرنا لفكرة التنوع البشري الذي بدأ يأخذ مساحته على خارطة الوطن لجهة وجود ما لا يقل عن 4 ملايين مقيم على ارض المملكة من جميع جنسيات العالم ابرزها مقيمي اللجوء السوري ، والذي وعلى مدار الاعوام الثمانية الماضية على عمر الأزمة السورية، ما زاد من مسؤوليات الجهاز، وزاد من اعبائه الامنية بطبيعة الحال .
الـ'ماكنة الأمنية' بقيادة الباشا الحمود ، افرزت ودون ادنى شك مخرجات طغت بحصيلتها لتعزيز مفهوم الأمن والأمان كمنظومة مجتمعية ثابتة، راسخة ومتطورة غدت العنوان الأبرز للأردن السياسي، واختلت قبلاً تثمين واهتمام الصالونات السياسية والإعلامية والشعبية، وقد نجح الرجل في تقديم نفسه كمدير جهاز أمني يعتبره مطبخ القرار والشارع الشعبي بيت الأمن الأردني الأول.
الباشا الحمود الذي احتل مكانة الرجل الأمني الأول، باشر عمله القيادي الرفيع مدفوعا بحنكته الأمنية الفذة، واستطاع دوناً عن غيره من قادة الجهاز ممن سبقوه في التقاط الرسائل الملكية المطالبة بضرورة الإصلاح المؤسسي لأركان الدولة الرسمية والأمنية، حيث تعامل مع الرسائل الملكية كمرجعية أولى استند اليها الحمود بقوة في ادارته الجديدة للجهاز، تحت عنوان عريض لمفهوم الأمن الشامل الذي يتناغم مع متطلبات المرحلة في فرض هيبة الدولة وسيادة القانون، بعيدا سياسات المحاباة او الاسترضاء او خدمة أي كان على حساب هيبة وسيادة الدولة، وقف واضحا ثابتا وعلى مسافة واحدة من الجميع، سواء كانوا مسؤولون كبار ام مواطنين، فالوطن واحد وقدسية أمنه مظلة للجميع .
اللافت في مسيرة الجنرال الحمود الأمنية والتي بدأها أوائل الثمانينيات، انه يرفض فكرة المحطات ، فالعمل الأمني لديه لا يبتعد عن مضمار 'المارثون' في سباق المسافات الطويلة التي تؤدي في نتائجها الحتمية الى خلق المناخ الأمني المرجو في مفاهيم المنظومة الأمنية، وهو الرجل الذي تم اقصاؤه عن واجهة العمل الأمني حين تمت اقالته صيف 2013 في عهد المدير الأسبق توفيق الطوالبة، لتتم اعادته مطلع عام 2014 وبعد أشهر قليلة من مغادرته جهاز الأمن العام أميناً عاماً للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، وقد رفضت 'كاريزما' الرجل الأمنية الزج بها في معسكر المحاربين القدامى ، وهو صاحب الخبرات الأمنية التي حصدها طيلة العقود الثلاثة التي تنقل فيها في عدة ادارات ومناصب امنية.
الجنرال الحمود والذي تسيد دفة الماكنة الأمنية ، انطلق من بيت الجهاز الداخلي احتكم فيه الى كل ما من شأنه خدمة طبيعة ومسيرة الجهاز، ساعده في ذلك ما يملكه من خبرات اداراته السابقة في البحث الجنائي والسير واولم تمنعه ديبلوماسيته من المجاهرة بضرورات ترتيب البيت الداخلي للجهاز، غير آبهٍ بمواقف او ردود فعل من قد يمسهم هذا الترتيب من كبار مسؤولي الجهاز او خارجه، وليصّرح بالعلن عن آليات هذا الترتيب بقصد سيادة القانون والعدالة والحزم على الجميع، مواطنين ومسؤولين ، وما تبعها من تصريحات نسفت بالكامل سوء الفهم الحاصل لدى الكثيرين لمفهوم الأمن الناعم، الذي قال بشأنه الجنرال الحمود انه لا وجود لأمن 'ناعم او خشن' بل هناك تطبيق للقانون وحفظ سيادته، وهي التصريحات التي على ما يبدو أثارت حفيظة ما يُسمى بقوى الشد العكسي، والتي تتعارض مصالحها وتصريحات الحمود الذي بدأ فعليا وعلى مدار الشهرين الماضيين بأجندة تصويب الأوضاع واعادة الهيكلة، واصدار التعليمات، والغاء بعض القرارات ، ما حدا بالبعض لوصف هذا التحرك بـ 'التوسونامي' الاصلاحي و التصحيحي لمسار جهاز الأمن العام، ليس تقليصا أو تحجيما لعمل الإدارات السابقة للجهاز، وإنما لما ستصب فيه خبرات الحمود التراكمية في خلق نهج واستراتيجيات عمل شفافة لاستعادة الهمة والهيبة للمنظومة الأمنية والعمل الشرطي الذي ظل طيلة العقود الماضية اللبنة الأساسية لمفهوم الأمن والأمان، ذلك المفهوم الذي يحاول البعض المساس به ازاء بعض الافعال الجرمية التي شهدتها البلاد مؤخرا، على الرغم من انه تم ضبطها واحكام القبضة الأمنية على مرتكبيها.
الا ان يقظة الجنرال الأمنية، وازاء بروز بعض حالات 'التصيّد في المياه العكرة' لأدائه الأمني، والتي لم يرد عليها بأسلوب التربص والقنص وانما بالعقل والحكمة والمنطق، وقبلا بالأفعال، حين اعلن عن اعادة صياغة استراتيجية امنية حديثة للأعوام (2018 - 2020) تراعي تحقيق منظومة الامن الوطني وتعمل على معالجة التحديات الأمنية والجرمية وانعكاساتها على المجتمع وتهدف للتوعية والحد من الجريمة بكافة اشكالها وملاحقتها وضبط مرتكبيها وزيادة الانتشار الامني وتجفيف بؤر الجريمة ومواكبة الجرائم المستحدثة والالكترونية والعابرة للحدود منها.
اختيار الجنرال الحمود لقيادة دفة جهاز الأمن العام، لم يكن مفاجئا للمراقب الأمني والسياسي، وقد تم استقدامه بقرار سياسي أمني ، من مطبخ صُنع القرار ، بعد أن تأكد للأخير أن الحالة الأمنية الأردنية الداخلية تستوجب حضور رجالاتها، خاصة بعد العديد من المشهديات التي اشارت بوصلتها الى ما يُشبه العبث الأمني الذي طفا على سطح الشارع الأردني كما شهدنا مؤخرا.
وفي الدوافع الأمنية الوظيفية، يجيئ اختيار الحمود بعد ان شغل مواقع أمنية حساسة كقائد لأمن اقليم العاصمة، ومدير لإدارة البحث الجنائي، وتسلمه كذلك لإدارات متنوعة منها ترخيص السواقين والمركبات والمجلس الوطني لشؤون الأسرة، الامر الذي راكم خلاله خبرات امنية فذة وغير مسبوقة، وراحت به هذه الخبرات للخروج الى نهج الديبلوماسية الأمنية، وهو الرجل الذي برع ايضا في المنعطفات الحساسة التي تقود خطاب العمل الأمني، وليس أدق على ذلك من تغييره للغة السياسات الأمنية، هو مع المهادنة في الخطاب الأمني مع الغالبية العظمى للمواطنين ممن يُشكلون بحسبه نحو 97% من المواطنين الصالحين، لكنه مع لغة الخطاب التصعيدي بما يكتنفها من تهديد ووعيد حيال من يؤمنون بأن هناك من هم اقوى او فوق القانون، وأن لا مناطق عصية على الأمن العام ولا الدولة، وما تصريحاته الأخيرة والتي أثارت ردود فعل متباينة لجهة ما تحمله من وعيد وحزم لمن يفكر بالإساءة او النيل من رجال الأمن العام بالقول بـ'الضرب بيد من حديد سيكون مصير أي شخص يحاول تجاوز القانون' الا تأكيدا على تلك التصريحات التي تريد حماية الوطن وابنائه سواء المواطنين او العاملين في الأجهزة الأمنية.
لا يؤخذ على الجنرال الحمود انه صاحب سياسة الأمن المتأهب، وهو المسؤول الأمني الكبير الذي نجح في التعامل مع اخطر وادق الملفات الأمنية حساسية كما في ملف الارهاب، وقد سجل الحمود دورا امنيا بارزا يتسم بالحس الامني عالي الوطنية ، وطالما جاهر بتصريحاته ازاء امن الوطن بأنه الخط الأحمر الأول ، فكانت جهوده الجبارة في التعامل مع احداث السلط والفحيص حيث تم كشف الخلية بوقت قياسي بالتنسيق مع مرتبات الاجهزة الامنية الاخرى، ليظل الوطن الأردني موئل رجالاته الأشاوس، وموطن الأمن والامان شاء من شاء وأبى من أبى .
بقلم : ينال المعاني
ليس يعيدا عن الاستحقاقات الأمنية التي برع بالتعامل معها جهاز الأمن العام على مدار الأشهر الماضية، ومنذ شهر حزيران المنصرم على وجه التحديد، سجل مدير الأمن العام اللواء فاضل الحمود جهدا قياسيا لجهة التفرد بإدارة الملف الأمني، سيما ونحن نتحدث عن صيف قائظ شهد تحديات أمنية جسيمة خلال خروج الاحتجاجات بأكثر من مكان، لم تلبث العاصمة عمان حينذاك ان سجلت ايضا اكتظاظا زخما لجهة حجم الاحتجاجات التي تمترست في مواقع حيوية وحساسة ازاء وقوعها بالقرب من دوائر صتع القرار.
نجح جهاز الأمن العام في احتواء المناخ الأمني ووضعه في مقارنة عادلة مع دول الغرب المتقدم، وقد تميز اللواء الحمود في في قيادة اهم أجهزة الدولة الأمنية لتماسها المباشر مع الشارع، كما نجح اللواء فاضل الحمود في التعاطي الأمني الشمولي في إدارة الشأن الأمني، اذا ما نظرنا لفكرة التنوع البشري الذي بدأ يأخذ مساحته على خارطة الوطن لجهة وجود ما لا يقل عن 4 ملايين مقيم على ارض المملكة من جميع جنسيات العالم ابرزها مقيمي اللجوء السوري ، والذي وعلى مدار الاعوام الثمانية الماضية على عمر الأزمة السورية، ما زاد من مسؤوليات الجهاز، وزاد من اعبائه الامنية بطبيعة الحال .
الـ'ماكنة الأمنية' بقيادة الباشا الحمود ، افرزت ودون ادنى شك مخرجات طغت بحصيلتها لتعزيز مفهوم الأمن والأمان كمنظومة مجتمعية ثابتة، راسخة ومتطورة غدت العنوان الأبرز للأردن السياسي، واختلت قبلاً تثمين واهتمام الصالونات السياسية والإعلامية والشعبية، وقد نجح الرجل في تقديم نفسه كمدير جهاز أمني يعتبره مطبخ القرار والشارع الشعبي بيت الأمن الأردني الأول.
الباشا الحمود الذي احتل مكانة الرجل الأمني الأول، باشر عمله القيادي الرفيع مدفوعا بحنكته الأمنية الفذة، واستطاع دوناً عن غيره من قادة الجهاز ممن سبقوه في التقاط الرسائل الملكية المطالبة بضرورة الإصلاح المؤسسي لأركان الدولة الرسمية والأمنية، حيث تعامل مع الرسائل الملكية كمرجعية أولى استند اليها الحمود بقوة في ادارته الجديدة للجهاز، تحت عنوان عريض لمفهوم الأمن الشامل الذي يتناغم مع متطلبات المرحلة في فرض هيبة الدولة وسيادة القانون، بعيدا سياسات المحاباة او الاسترضاء او خدمة أي كان على حساب هيبة وسيادة الدولة، وقف واضحا ثابتا وعلى مسافة واحدة من الجميع، سواء كانوا مسؤولون كبار ام مواطنين، فالوطن واحد وقدسية أمنه مظلة للجميع .
اللافت في مسيرة الجنرال الحمود الأمنية والتي بدأها أوائل الثمانينيات، انه يرفض فكرة المحطات ، فالعمل الأمني لديه لا يبتعد عن مضمار 'المارثون' في سباق المسافات الطويلة التي تؤدي في نتائجها الحتمية الى خلق المناخ الأمني المرجو في مفاهيم المنظومة الأمنية، وهو الرجل الذي تم اقصاؤه عن واجهة العمل الأمني حين تمت اقالته صيف 2013 في عهد المدير الأسبق توفيق الطوالبة، لتتم اعادته مطلع عام 2014 وبعد أشهر قليلة من مغادرته جهاز الأمن العام أميناً عاماً للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، وقد رفضت 'كاريزما' الرجل الأمنية الزج بها في معسكر المحاربين القدامى ، وهو صاحب الخبرات الأمنية التي حصدها طيلة العقود الثلاثة التي تنقل فيها في عدة ادارات ومناصب امنية.
الجنرال الحمود والذي تسيد دفة الماكنة الأمنية ، انطلق من بيت الجهاز الداخلي احتكم فيه الى كل ما من شأنه خدمة طبيعة ومسيرة الجهاز، ساعده في ذلك ما يملكه من خبرات اداراته السابقة في البحث الجنائي والسير واولم تمنعه ديبلوماسيته من المجاهرة بضرورات ترتيب البيت الداخلي للجهاز، غير آبهٍ بمواقف او ردود فعل من قد يمسهم هذا الترتيب من كبار مسؤولي الجهاز او خارجه، وليصّرح بالعلن عن آليات هذا الترتيب بقصد سيادة القانون والعدالة والحزم على الجميع، مواطنين ومسؤولين ، وما تبعها من تصريحات نسفت بالكامل سوء الفهم الحاصل لدى الكثيرين لمفهوم الأمن الناعم، الذي قال بشأنه الجنرال الحمود انه لا وجود لأمن 'ناعم او خشن' بل هناك تطبيق للقانون وحفظ سيادته، وهي التصريحات التي على ما يبدو أثارت حفيظة ما يُسمى بقوى الشد العكسي، والتي تتعارض مصالحها وتصريحات الحمود الذي بدأ فعليا وعلى مدار الشهرين الماضيين بأجندة تصويب الأوضاع واعادة الهيكلة، واصدار التعليمات، والغاء بعض القرارات ، ما حدا بالبعض لوصف هذا التحرك بـ 'التوسونامي' الاصلاحي و التصحيحي لمسار جهاز الأمن العام، ليس تقليصا أو تحجيما لعمل الإدارات السابقة للجهاز، وإنما لما ستصب فيه خبرات الحمود التراكمية في خلق نهج واستراتيجيات عمل شفافة لاستعادة الهمة والهيبة للمنظومة الأمنية والعمل الشرطي الذي ظل طيلة العقود الماضية اللبنة الأساسية لمفهوم الأمن والأمان، ذلك المفهوم الذي يحاول البعض المساس به ازاء بعض الافعال الجرمية التي شهدتها البلاد مؤخرا، على الرغم من انه تم ضبطها واحكام القبضة الأمنية على مرتكبيها.
الا ان يقظة الجنرال الأمنية، وازاء بروز بعض حالات 'التصيّد في المياه العكرة' لأدائه الأمني، والتي لم يرد عليها بأسلوب التربص والقنص وانما بالعقل والحكمة والمنطق، وقبلا بالأفعال، حين اعلن عن اعادة صياغة استراتيجية امنية حديثة للأعوام (2018 - 2020) تراعي تحقيق منظومة الامن الوطني وتعمل على معالجة التحديات الأمنية والجرمية وانعكاساتها على المجتمع وتهدف للتوعية والحد من الجريمة بكافة اشكالها وملاحقتها وضبط مرتكبيها وزيادة الانتشار الامني وتجفيف بؤر الجريمة ومواكبة الجرائم المستحدثة والالكترونية والعابرة للحدود منها.
اختيار الجنرال الحمود لقيادة دفة جهاز الأمن العام، لم يكن مفاجئا للمراقب الأمني والسياسي، وقد تم استقدامه بقرار سياسي أمني ، من مطبخ صُنع القرار ، بعد أن تأكد للأخير أن الحالة الأمنية الأردنية الداخلية تستوجب حضور رجالاتها، خاصة بعد العديد من المشهديات التي اشارت بوصلتها الى ما يُشبه العبث الأمني الذي طفا على سطح الشارع الأردني كما شهدنا مؤخرا.
وفي الدوافع الأمنية الوظيفية، يجيئ اختيار الحمود بعد ان شغل مواقع أمنية حساسة كقائد لأمن اقليم العاصمة، ومدير لإدارة البحث الجنائي، وتسلمه كذلك لإدارات متنوعة منها ترخيص السواقين والمركبات والمجلس الوطني لشؤون الأسرة، الامر الذي راكم خلاله خبرات امنية فذة وغير مسبوقة، وراحت به هذه الخبرات للخروج الى نهج الديبلوماسية الأمنية، وهو الرجل الذي برع ايضا في المنعطفات الحساسة التي تقود خطاب العمل الأمني، وليس أدق على ذلك من تغييره للغة السياسات الأمنية، هو مع المهادنة في الخطاب الأمني مع الغالبية العظمى للمواطنين ممن يُشكلون بحسبه نحو 97% من المواطنين الصالحين، لكنه مع لغة الخطاب التصعيدي بما يكتنفها من تهديد ووعيد حيال من يؤمنون بأن هناك من هم اقوى او فوق القانون، وأن لا مناطق عصية على الأمن العام ولا الدولة، وما تصريحاته الأخيرة والتي أثارت ردود فعل متباينة لجهة ما تحمله من وعيد وحزم لمن يفكر بالإساءة او النيل من رجال الأمن العام بالقول بـ'الضرب بيد من حديد سيكون مصير أي شخص يحاول تجاوز القانون' الا تأكيدا على تلك التصريحات التي تريد حماية الوطن وابنائه سواء المواطنين او العاملين في الأجهزة الأمنية.
لا يؤخذ على الجنرال الحمود انه صاحب سياسة الأمن المتأهب، وهو المسؤول الأمني الكبير الذي نجح في التعامل مع اخطر وادق الملفات الأمنية حساسية كما في ملف الارهاب، وقد سجل الحمود دورا امنيا بارزا يتسم بالحس الامني عالي الوطنية ، وطالما جاهر بتصريحاته ازاء امن الوطن بأنه الخط الأحمر الأول ، فكانت جهوده الجبارة في التعامل مع احداث السلط والفحيص حيث تم كشف الخلية بوقت قياسي بالتنسيق مع مرتبات الاجهزة الامنية الاخرى، ليظل الوطن الأردني موئل رجالاته الأشاوس، وموطن الأمن والامان شاء من شاء وأبى من أبى .
التعليقات
الباشا الحمود .. اختيار ملكي كسب رهان الوطن والشعب
التعليقات